فاللّه سبحانه و تعالى يريد أن لا يحدّ من خيال الإنسان في تصوّراته لنوع و سنخ و حقيقة ما يراد تكثيره، و أن لا يحدّه في تصوّر مواصفات الخير، و النعمة، و التفضّل فيه. و هذا غاية المبالغة في إظهار عظمة هذه النعمة، و أهمّيتها، و استجماعها لحقيقة الخير، و لمواصفاته، بصورة لا يحدّها خيال، و لا يقف في وجهها تصوّر.
«أل» الحقيقية:
و على هذا الأساس نقول: إن الألف و اللام في كلمة: «الكوثر» هي التي يشار بها إلى طبيعة و حقيقة ذلك الذي دخلت عليه؛ مثل «أل» في قولك: الذهب أفضل من الفضّة.
إذن فيراد بالألف و اللام هنا الإشارة إلى أن صدور الكثرات عن هذا الشيء (أي الكوثر) إنّما هو من خلال طبيعته و حقيقته. و ليست الكثرة عارضة له بالإكتساب، حتى إذا انقطع عنه هذا الإكتساب انقطعت الكثرة منه.