و صار من الماضي الذي يصحّ الإخبار عنه، لأنه قد تجاوز الموانع، و استجمع المقتضيات، و الشرائط المعتبرة في تحقّق الوجود رغم أن ابناءه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قد ماتوا، و لم تكن فاطمة قد ولدت بعد.
و الذي يزيد هذا التأكيد قوّة و شدة هذا الإلماح إلى إظهار مقام العزّة و العظمة الإلهية، الأمر الذي يقتضي أن لا يخلف اللّه وعده[1]، و اللّه لا يخبر عن أمر ثم لا يتحقّق، فإن هذا مما لا يستساغ و لا يرضاه حتى الإنسان العادي لنفسه، فكيف بمقام العزّة الإلهية.
إختيار التعبير ب «أعطينا» دون سواها:
و أما السبب في أنه تعالى قال: .. أَعْطَيْناكَ ..
و لم يقل: سيكون أو سيوجد لك الكوثر، أو نحو ذلك؛ فلعلّه هو أنّ كلمة: «أعطيناك» تفيد أن هذا المعطي يتصرّف من موقع المالكيّة و الواجديّة بالذات؛ فهو
[1] لا سيما و أنه قد أخبر عن حتمية حصوله بصيغة الماضي الدالّ على الحصول بالفعل، و لم يورده بصيغة الوعد.