الحمد للّه ربّ العالمين، و صلّى اللّه على نبيه الأمين محمد و آله الطّيّبين الطّاهرين، و اللعن الدائم على أعدائهم و مخالفيهم أجمعين إلى يوم الدين.
و بعد، فمن منن الله تعالى عليّ أن وفّقني فيما بقي من عمري أن ادارس فقه آل محمد صلى الله عليه و آله و أختم ساعات حياتي في هذا السبيل، و أجتهد في معرفة آثارهم و أبحث عنها و امارسها فهماً و تحقيقاً و استنباطاً. و لعمري هذا من أعظم نعم اللّه تعالى عليّ، و ما أحسن من أن أستهدي أقوالهم و أستنير بعلمهم حتى آخر لحظة من عمري.
و كنت افكّر مدّة من أين أبدأ و أسعى في هذا الطريق؟ فوجدت أبحاث القضاء و الشهادات و الحدود و التعزيرات و الدّيات و القصاص أقلّ نصيباً من البحث و التنقيب بالنسبة إلى سائر أبحاث فقه الإمامية؛ لأنّ بعض الفقهاء المصنفين لم يتعرّضوا لها في كتبهم و بعضهم تعرّضوا لها اختصاراً من دون البسط و التفصيل، فشرعت عملي و اجتهادي فيها بعد الاتّكال على اللّه تعالى، حتى أملأ فراغها و أتمم نواقصها. و كنت مشتغلًا بها طيلة سنين إلى أن فرغت منها بحثاً و تحقيقاً و كتابة و طبعاً إلّا أبحاث الشهادات؛ حيث لم يتمّ طبعها بعد، و أرجو من اللّه تعالى أن يوفّقني لطبعها.
فلما فرغت منها، عنيت دوام عملي بالبحث و التحقيق حول أبحاث أخرى من فقه آل محمد صلى الله عليه و آله فوجدت الأولويّة و التّقدم في الدراسة و البحث عن الأمور الحقوقيّة و الماليّة في الإسلام؛ و هي أبحاث العقود و الإيقاعات مثل كتب «الشركة» و «الربا» و «المضاربة» و «التأمين» و «البيع» و غيرها مما يتعلق بالحياة الاجتماعية المعاصرة