فقالت قريش: نحن قبيلته و أسرته و أولياؤه، و لا يحل لكم ان تنازعونا سلطان محمد صلى الله عليه و آله و سلم و حقه، فرأت العرب أن القول ما قالت قريش، و أن الحجة لهم في ذلك على من نازعهم أمر محمد صلى الله عليه و آله و سلم فأنعمت لهم و سلمت اليهم.
ثم حاججنا نحن قريشاً بمثل ما حاججت به العرب فلم تنصفنا قريش انصاف العرب لها، انهم أخذوا هذا الأمر دون العرب بالانتصاف و الإحتجاج، فلما صرنا أهل بيت محمد و أولياءه إلى محاجّتهم و طلب النَّصَفَ منهم باعدونا و استولوا بالاجتماع على ظلمنا و مراغمتنا و العنت منهم لنا، فالموعد اللّه و هو الولي النصير.
و لقد كنا تعجبنا لتوثّب المتوثّبين علينا في حقنا و سلطان نبيّنا، و ان كانوا ذوي فضيلة و سابقة في الإسلام، و أمسكنا عن منازعتهم مخافة على الدين أن يجد المنافقون في ذلك مغمزاً يثلمونه به، أو يكون لهم بذلك سبب إلى ما أرادوا من افساده، فاليوم فليتعجب المتعجب من توثّبك يا معاوية على أمر لست من أهله، لا بفضل في الدين معروف، و لا أثر في الإسلام محمود، و أنت ابن حزب الأحزاب، و ابن أعدى قريش لرسول اللّه صلى الله عليه و آله و سلم و لكتابه، و اللّه حسيبك، فسترد فتعلم لمن عقبى الدار، و باللّه لتلقين عن قليل ربك ثم ليجزينك بما قدّمت