( (هل توفى رسول الله (ص) بغير وصية))

قال العلامة الحلي:

فإن قلت: قد أورد بعض الناس الأخبار و أحتج ببعض الآثار أنّ النّبي (ص) لم يوص عند الوفاة، فلهذا صارت الخلافة بالإختيار، و التجاء الصحابة لم يكن إلا اضطراراً!

انا لو سلمنا و طوينا ذكر ما تواترت به الأخبار، و غمضنا العيون عما صحّحته العقول من الآيات و الآثار الصحيحة، فالجواب عنها بوجوه:

أحدها: انّ هذه دعوى غير كاملة و بيّنة غير عادلة، تثمر على المتمسّكين بها أشجار الفساد، وتبيح على المقرين بها رياض النزع والعناد.

و ثانيها: أنه لا شك و لا ريب في أنها فرية إفتراها أهل البغض و النفاق، و أظهرها أهل العداوة والشقاق.

و ثالثها: انا لو سلمنا صحتها و اعرضنا عن علتها، لكان جماعة الصحابة المعروفين و الخلفاء المتأخرين من احتجوا بها في ذلك اليوم على أمير المؤمنين و الصحابة الممانعين.

و رابعها: انه لا يشتبه على أصحاب العقول، و لا يخفى على أصحاب المنقول أنّ ما أوردناه عن الآثار، ورويناه من الأخبار ثابت ومروىّ عن النبي المختار (ص) و الصحابة الأخيار والأئمة الأطهار عليهم السلام، حتى أنّه لا يليق بالعاقل إضماره ولا يحسن من كامل انكاره، لما قد علم ما وقع فيه‌