غير أنّ الفارق بين العصر الأموي والعصور التي تلته ــ فضلاً عن تدخل السلطة العباسية ــ هو تعرض شيخ كتاب السيرة رحمه الله ورواته الثلاثة إلى هجمات متتالية منذ أن بدأ يحدث الناس عن سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإلى هذا الوقت.

متى كتبت السيرة النبوية في دولة بني عباس

إنّ أول من كتب السيرة النبوية في هذه الحقبة الزمنية بشكل منظم ومرتب جمع فيه المغازي والسيّر هو محمد بن إسحاق، حتى لقب بـ«شيخ كتاب السيرة». وصار من كتب بعده عيالاً عليه([182])، وقد روى ابن سعد قائلاً: «كان ابن إسحاق أول من جمع مغازي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخرج من المدينة قديماً فلم يروِ عنه أحد منهم غير إبراهيم بن سعد وأتى ــ ابن إسحاق ــ أبا جعفر المنصور بالحيرة فكتب له المغازي فسمع منه أهل الكوفة بذلك السبب»([183]).

وقد حاول البعض إثارة الكثير من التساؤلات حول ابن إسحاق لأغراض متعددة. مما دعا أحد كتاب السيرة النبوية وهو ابن سيد الناس أن يضع مقدمة في أول كتابه([184]) تضمنت جميع الآراء والتساؤلات التي دارت حول هذه الشخصية لأجل دفع هذه الآراء وبيان صحة ما يرويه ابن إسحاق في السيّر والمغازي لكونها الأصل الذي يعتمد عليه في السيرة النبوية.

[182] السير والمغازي لابن إسحاق، تحقيق سهيل زكار: المقدمة ص 9، ط دار الفكر.

[183] سير أعلام النبلاء للذهبي: ج 7، ص 48، ط مؤسسة الرسالة.

[184] عيون الآثر: ص 19 ــ 26، ط مؤسسة عز الدين.