السادس: عن عائشة قالت: «إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبض وهو في حجري([71])، ثم وضعت رأسه على وسادة وقمت التدم مع النساء وأضرب وجهي»([72]).

ومعنى التدام النساء هو ضربهن صدورهن في النياحة([73]).

السابع: عن محمد بن يوسف قال: «خرجت نائلة بنت الفرافصة - زوجة عثمان بن عفان - تلك الليلة - التي دفن فيها عثمان - وقد شقت جيبها قبلاً دبراً ومعها سراج وهي تصيح وا أمير المؤمنيناه...»([74]).

فتحصل مما سبق من الشواهد أنّ سيرة المتشرعة من الصحابة كانت جارية على الحزن والبكاء، بل وجواز الجزع كما في خبر أم سلمة، ووضع التراب على الرأس كما في خبر عمر، والصياح كما في خبر حمنة بنت جحش وضرب الصدر في النياحة كما في خبر عائشة وشق الثوب قبلا ودبرا والصياح كما في خبر نائلة زوجة عثمان كل ذلك مما لا يخرج الإنسان إلى الجزع ورد قضاء الله سبحانه.

[71] الثابت الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - مات في حجر علي عليه السلام ولكن ذكر هذا الحديث هنا من باب إلزامهم بما ألزموا به أنفسهم.

[72] مسند أحمد بن حنبل: ج 6، ص 274. مسند أبي يعلى الموصلي: ج 8، ص63. سيرة النبي لأبن هشام: ج 4، ص 1069.

[73] الصحاح للجواهري: ج 5، ص 2029.

[74] الطبقات الكبرى: ج 3، ص 78. تاريخ مدينة دمشق: ج 39، ص 53.