أمكننا أنْ نستخلصَ أنّ ما كان يكتبه سعيد كان تفسيراً وليس حديثاً، لأنه كان يكرهُ كُتَّابَ الحديث)([114]).

ومن يستقرئ الروايات التي وردت عن سعيد في كتب التفسير - في تفسير بعض الآيات يجد أن أغلبَها قد رواه عن شيخه وأستاذه ابن عباس.

وهذا لا يتناقض مع ما رواه محمد بن جرير الطبري في تفسيره من (أنّ مجاهداً كان يسأل ابن عباس عن تفسير القرآن ومعه ألواحُهُ؛ فيقولُ له ابن عباس: اكتب...، حتى سأله عن التفسير كله)([115]).

لأن هذا لا يُنافي أنه أملى على سعيد كما أملى على مجاهد([116]).

وفي كتب التفسير شواهد كثيرة يجد القارئ فيها اقترانَ اسمي سعيد بن جبير ومجاهد معاً مثالاً لرأي واحد متطابق يفسر إحدى الآيات تفسيراً خاصاً.

فمثلاً يورد الطبرسي في مجمع البيان - تفسير سورة طه -(فيقول: آية (طه) معناها: يا رجل؛ عن ابن عباس وسعيد ومجاهد والحسن والكلبي، غَيْرَ أنَّ بعضهم يقول هو بلسان الحبشية والنبطية)([117]).

والقارئ يلاحظ هنا وحدة المصدر وتوافق التفسير عند ابن عباس وسعيد ومجاهد، ولنأخذ نموذجاً آخر من كتاب تفسير ثان؛ - الدر المنثور - يقول السيوطي: (وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد وسعيد في قوله تعالى: {...أَنْ

[114] الطبقات الكبرى لابن سعد: ج6، ص258.

[115] أمالي الصدوق: ص20؛ جامع البيان للطبري: ج، ص30، ط1373هـ - 1954م، القاهرة.

[116] تاريخ الرسل والملوك للطبري: ج6، ص488.

[117] مجمع البيان للطبرسي: ج7، ص3، ط 1382هـ، طهران.