تكون عامرة بالناس ويؤمها كبار النواح وشعراء المراثي الحسينية المشهورين. ويمكن إرجاع علنية هذه المجالس وحضور العامة فيها وبهذه الأعداد الكبيرة إلى وصول البويهيين إلى السلطة عام ((334 هـ / 945 م)) وفسحهم المجال إمام إقامة هذه المجالس، وانحسار نفوذ الحنابلة ومضايقتهم لهذه المجالس ([615]).

كما أشارت المصادر إلى أسماء نواح آخرين اشتهروا بالنياحة في بغداد في القرن الرابع الهجري منهم النائح أبو القاسم عبد العزيز الشطرنجي ([616])، والنائحة ذرة ([617]) أو زرة، والنائحة المعروفة بسكينة نائحة الرافضة ([618]).

ومما يلاحظ على مسار المجالس الحسينية في الفترة البويهية بدء اهتمام السلطة الحاكمة المتمثلة بالبويهيين بإقامة هذه المجالس وأداء مراسم الشعائر الحسينية والاشتراك فيها، ويأتي في مقدمة ذلك الاهتمام ما أقدم عليه الأمير البويهي معز الدولة ([619]) من اعتبار يوم العاشر من محرم يوم حداد رسمي للدولة

[615] الذهبي: العبر2/300؛ وينظر، ابن خلدون: تاريخ 3 /527؛ ابن كثير: البداية والنهاية 7/335.

[616] ياقوت الحموي: معجم الأدباء 4 / 150؛ وينظر، ابن حجر العسقلاني: لسان الميزان 4 / 240.

[617] ابن شهرآشوب: مناقب آل أبي طالب 3 / 220؛ وينظر، المجلسي: بحار الأنوار 45 / 227؛ النمازي: مستدرك سفينة البحار 4 / 74 و 5 / 470.

[618] الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 3 / 31؛ وينظر، ابن عساكر: تاريخ مدينة دمشق 54 / 428؛ الذهبي: تذكرة الحفاظ 3 / 928؛ ابن كثير: البداية والنهاية 11 / 262.

[619] معز الدولة بن بويه، أبو الحسين أحمد بن أبي شجاع بويه فنا خسرو بن تمام بن كرهي بن شيرزيل الأصغر، وأبو الحسين المذكور يلقب معز الدولة. كان صاحب العراق والأهواز ويقال له الاقطع وهو أصغر الأخوة الثلاثة وكانت مدة ملكه العراق أحدى وعشرين سنة وأحد عشر شهراً. توفي يوم الاثنين السابع عشر شهر ربيع الآخر سنة (356 هـ / 968م) ببغداد ودفن في داره ثم نقل الى مشهد بني له في مقابر قريش ومولده في سنة ثلاث وثلثمائة. ينظر، ابن خلكان: وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان 1 / 174؛ الصفدي: الوافي بالوفيات 6 / 173.