رابعاً: موقف المختار أثناء نهضة الإمام الحسين (عليه السلام)

تولى الخلافة يزيد بن معاوية (60هـ-64هـ) بعد وفاة والده معاوية سنة ستين للهجرة ([476])، بعهد من أبيه، الذي أخذ له البيعة من الأمصار في حياته، فرفض تلك البيعة الإمام الحسين (عليه السلام)، وعبد الله بن الزبير بن العوام([477]) وما أن آلت الأمور إلى يزيد حتى كتب كتابين إلى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان عامله على المدينة، نعى إليه في أحدهما موت معاوية، وجاء في كتابه الثاني، الذي كتبه في صحيفة وصفت لصغرها كأنها أذن فأرة: «أما بعد فخذ حسيناً وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير بالبيعة أخذاً شديداً ليست فيه رخصة ولا هوادة حتى يبايعوا؛ والسلام».([478])

وما إن وصل كتاب يزيد إلى الوليد بن عتبة والي المدينة، حتى بعث إلى مروان بن الحكم ليشاوره في الأمر، وعلى الرغم من سوء العلاقة بينهما فقد حضر مروان إليه، فأخبره الخبر واستشاره في ذلك، فأشار عليه أن يبعث على وجه السرعة إلى الإمام الحسين (عليه السلام) وعبد الله بن الزبير، فيدعوهم إلى البيعة والدخول في الطاعة، فإن استجابوا خيراً وإن أبوا فتضرب أعناقهم، قبل أن يعلموا بموت معاوية، لأنهم إن علموا أظهروا الخلاف ووثب كل واحد منهم في جهة ([479]).

[476] - اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج2، ص166؛ الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج5، ص218.

[477] - الدينوري، الأخبار الطوال، ص209؛ الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج5، ص217.

[478] - البلاذري، جمل من أنساب الأشراف، ج5، ص313؛ الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج5، ص227-228؛ ابن أعثم الكوفي، كتاب الفتوح، ج5، ص10.

[479] - الدينوري، الأخبار الطوال، ص210؛ ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج3، ص469.