بانتْ جمالية بنية إيجاز كتاب الإمام الحسين (عليه السلام)، وتجلَّت
بعد أنْ جال التحليل التأويليّ آفاق سماء اِنفلاقِها، من حيث المذكورات والمحذوفات،
إذْ عدّها ابن جنّي من شجاعة العربية ([326])، والإشارات، والمعطوفات،
والإضافات التي شكَّلت الإيجاز مجتمعة، فضلاً على اكتنازها في الاِقتصاد
التَّركيبيّ، والاِختزال اللفظيّ، والتَّكثيف الدَّلاليّ، كلّ بصور توظيفه في
مفاصل هندسة ترتيب بنيتهِ الكليّة، بدءاً بكسر طوق التقليد الفنّي في حذف بسملة
الاِستهلال، واستعاضها بذكر الله مُبْتَدِئاً،
وبصوت حرف (الباء - بــــ) الذي تلألأ تسع عشرة مرة بعدد حروفها([327])، بقلقلته النغمية،
ودلالته الإلصاقية البدلية، تَجاوبَ منسجماً، وللغرض ملائماً ([328]).
جاء العطف ملازماً الإضافة من أقوى جوانب الإيجاز([329])،
وأثبتها تأكيداً، وتعريفاً، إذ تماسكتِ البنية، وانسجمتْ بحركة تفاعلهما، فلا يأتي
العطف إلّا