الشاهد الرابع: تهديد عمر بن الخطاب لبعض الصحابة بالضرب

وعن أبي هريرة أنه قال: (لقد حدثتكم بأحاديث لو حدثت بها زمن عمر بن الخطاب لضربني عمر بالدرة)([44]).

وعن أبي سلمة عن أبي هريرة: (وقلت له أكنت تحدث في زمان عمر هكذا؟ فقال لو كنت احدث في زمان عمر مثلما أحدثكم لضربني بمخفقته)([45]).

أقول: وسبب ضرب عمر بن الخطاب بالدرة لأبي هريرة لو كان حدث بتلك الأحاديث في أيامه، لا يخلو من فرضين:

فإما أن يضربه بسبب كذبه وافترائه على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو أمر يستحيل على أبي هريرة وغيره فعله لو كانت السنة النبوية مدونة محفوظة مكتوبة، لان السنة لو كانت مكتوبة مدونة لافتضح كذب كل من يحاول أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كما يفتضح اليوم كل من يحاول أن يدعي بأن هنالك آية في القرآن زائدة غير مدونة.

وإما أن يضربه بسبب رواية الحديث الصادق عن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وهو اشد وأمر من الفرض الأول، فلماذا يضرب عمر بدرته من يحدث صادقا عن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم؟ وما الضير في ذلك؟ وهل نقل الحديث الصادق عن النبي الأعظم يستلزم الضرب بالدرة؟ فلو كان كذلك لكانت عائشة وابن عمر وغيرهما المئات من الصحابة يستحقون الضرب والتنكيل بسبب نقلهم لأحاديث قالها النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم.

[44] جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر ج2 ص121.

[45] تذكرة الحفاظ للذهبي ج1 ص7.