وأما بالنسبة للمتأخرين فالنزاع عندهم أكبر والتناقض لديهم أعظم، وقد مرت عدة أمثلة تدل على أن المتأخرين لم يكونوا راضين ولا منسجمين مع قواعد وآرائهم وشروطهم المتقدمين مما اوجد اختلافا في تقييم الرجال والأسانيد والمتون.

18: ان هذا الاختلاف في قواعد الجرح والتعديل بين المتقدمين أنفسهم أو بين المتقدمين والمتأخرين قد استغل بشكل كبير في الحرب ضد فضائل أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فما من راوٍ من رواة أهل السنة المعتمدين وغير المعتمدين إلا وتجد فيه قولين أو أكثر لأهل الجرح والتعديل، الا ما ندر، وقد وظف هذا الاختلاف في الأقوال توظيفا كبيراً في رد فضائل أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وإنكارها، وفي إثبات فضائل الشيوخ الثلاثة وبقية رموز أهل السنة، وستأتي عدة شواهد على ان أهل الجرح والتعديل من أهل السنة يردون ويضعفون اغلب روايات فضائل العترة الطاهرة بحجة ضعف أسانيدها، ثم يأتون بأقوال من يقدح في رجال السند، ويغضون الطرف عن كلمات المادحين الموثقين، وفي المقابل وحينما يتحدثون عن فضائل الشيوخ الثلاثة وعائشة وبقية رموزهم ومناقبهم يوثقون أسانيد روايات مدحهم ويسردون أقوال المادحين في حق رجال ذلك السند، ويخفون عن الأسماع والأعين كلمات من ضعفهم وجرح عدالتهم ورماهم بالكذب تارة وبالتدليس أخرى وبالوضع ثالثة.

وهذا ما سيتم إثباته في الفصل الآتي إن شاء الله تعالى.