3ــ ذكر صاحب الغارات عن إبراهيم بن محمد مِن وُلدِ علي عليه السلام قال:
(كانَ عليٌّ عليهِ السّلامُ إذا نَعَتَ النَّبيَّ صلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ قالَ:
«هُوَ خاتَمُ النَّبييّنَ، أجْوَدُ النّاسِ كَفّا، وأجْرَأُ النّاسِ صَدْراً، وأصْدَقُ النّاسِ لَهْجَةً وَأوْفَى النّاسِ ذِمَّةً، وَألْيَنهُمْ عَريكَةً، وَأكْرَمُهُمْ عِشْرَةً، (مَنْ رَآهُ بَديهَةً هابَهُ، ومَنْ خالَطَهُ مَعْرِفَةً أحَبَّهُ، يَقولُ ناعِتُهُ: لَمْ أرَ قَبْلَهُ ولاَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ)»([884]).
معاوية
(أمّا بَعْدُ، يا مُعاوِيَةُ! فَلَنْ يُؤَدِّي الْقائِلُ وَإنْ أطْنَبَ في صِفَةِ الرَّسُولِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّم مِنْ جَميعٍ جُزْءاً، وَقَدْ فَهِمْتُ ما لَبِسْتَ بِهِ الْخَلَفَ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ مِنْ إيجازِ الصِّفَةِ وَالتَّنْكُّبِ عَنْ اسْتبْلاغِ الْبَيْعَةِ، وَهَيْهاتَ هَيْهاتَ يا مُعاوِيَةُ! فَضَحَ الصُّبْحُ فَحْمَةَ الدُّجى وَبَهَرَتِ الشَّمْسُ أنْوارَ السُّرُجِ، وَلَقَدْ فَضَّلْتَ حَتّى أفْرَطْتَ، وَاسْتَأثَرْتَ حَتّى أجْحَفْتَ، وَمَنَعْتَ حَتّى بَخِلْتَ، وَجُرْتَ حَتّى جاوَزْتَ، ما بَذَلْتَ لِذي حَقٍّ مِنْ أتَمِّ حَقِّهِ بِنَصيبٍ حَتّى أخَذَ الشَّيْطانُ حَظَّهُ الأوْفَرِ، وَنَصيْبَهُ الأكْمَلِ، وَفَهِمْتُ ما ذَكَرْتَهُ عَنْ يَزيدَ مِنْ اكْتِمالِهِ وَسِياسَتِهِ لأمَّةِ مُحَمَّدٍ، تُريدُ أنْ تُوهِمَ النّاسَ في يَزيدَ، كأنَّكَ تَصِفُ مَحجُوباً، أوْ تَنْعَتُ غائِباً، أوْ تُخْبِرُ عَمّا كانَ مِمّا احْتَوَيْتَهُ بِعِلْمٍ خاصٍّ وَقَدْ دَلَّ يَزيد مِنْ نَفْسِهِ عَلى مَوْقِعِ رَأْيِهِ، فَخُذْ لِيَزيدَ فيما أخَذَ بِهِ مِنْ اسْتِقْرائِهِ الْكِلابَ الْمُهارَشَةَ عِنْدَ التَحارُشِ، وَالْحَمامِ السِّبْقِ لأِتْرابِهِنْ، وَالقِيناتِ ذَواتِ الْمَعازِفِ، وَضُرُوبِ الْمَلاهي، تَجِدُهُ ناصِراً، وَدَعْ عَنْكَ ما تُحاوِلُ).
قبل الخوض في شخصية معاوية لا بأس أن نشير إلى بعض العوامل المحيطة بهذه
[884] الغارات: ج1، ص364. ميزان الحكمة: ج10، ص4246، ح19903.