«ما أحد أصبر على أذى سمعه من الله، يدعون له الولد، ثمّ يعافيهم ويرزقهم»)([17]).

أن التشبيه والتجسيم انتشر في الشام بل عملت الشام بقوة على نشره، ومما يدل على ذلك هذه الرواية التي يذكرها الشيخ الصدوق في كتاب التوحيد.

عن أسد بن سعيد النخعي، قال: (أخبرني عمرو بن شِمْر، عن جابر بن يزيد الجُعْفي، قال: قال محمّد بن عليّ الباقر عليهما السلام:

«يا جابر ما أعظم فِرْية أهل الشام على الله عزّ وجلّ، يزعُمون أنّ الله تبارك وتعالى حيث صعد إلى السماء وضع قدمه على صَخْرَة بيت المَقْدِس([18]) ولقد وضع عبد من عباد الله قدمه على حَجَرَة([19]) فأمرنا الله تبارك وتعالى أن نتّخذه مصلّى يا جابر إنّ الله تبارك وتعالى لا نظير له ولا شبيه، تعالى عن صفة الواصفين، وجلّ عن أوهام المتوهّمين، واحتجب عن أعين الناظرين لا يزول مع الزائلين، ولا يأفل مع الآفلين، ليس كمثله شيء وهو السميع العليم»)([20]).

التشبيه محال عقلاً

يتفق العقل مع الشرع على رفض التشبيه وإبطال التجسيم لما فيهما من جرأة على خالق الخلق ومدبر الأكوان ورب الأرباب، ولما فيهما من تحديد اللامحدود وافقار للغني المطلق، وجعل واجب الوجود ممكنا ضعيفا تعتريه الحوادث والمتغيرات وتحيط به الأماكن والأبعاد، وحيث إننا نريد أن نظل على قول العقل في تشبيه المخلوق بالخالق وتشبيه الممكن بالواجب وتحويل الإله الغني المطلق إلى فقير محتاج.

[17] صحيح البخاري: ج6، ص2687، باب قول الله تعالى: (إنّ الله هو الرزاق ذو القوة المتين)، ح6943.

[18] المقدّم والتالي كلاهما مزعومهم الباطل.

[19] هو إبراهيم النبيّ على نبيّنا وآله وعليه السلام وضع قدمه على حجرة في مكّة حين تفقد عن ابنه اسماعيل لتغسلها زوجته فبقي فيها نقش منها، وهي الآن في المحلّ المعروف بمقام إبراهيم عليه السلام قرب الكعبة، وقصّته طويلة تطلب من مظانّها.

[20] كتاب التوحيد للشيخ الصدوق: ص174 ــ 175، ح13.