تعارض روايتي الالتحاق بالحسين وطرق معالجته

وبهذا نكون أمام اضطراب حقيقي وتعارض واضح بيّن، وهذا يدعونا إلى الرجوع إلى طرق معالجة مثل هذا التعارض، فقد ذكر العلماء أنّ من جملة المرجّحات هو السبق الزمني للرواية على غيرها من الروايات المعارضة لها والمتأخرة عنها زمناً، وهذا المقياس لا شكّ أنّه يرجّح عندنا الرواية الأولى دون الرواية الثانية، وكذلك ذكر العلماء أنّ من جملة المرجّحات هو أن تكون إحدى الروايتين مفصّلة والأخرى مجملة، فتقدم المفصّلة في مقام التعارض على المجملة، وهذا المقياس يقدّم كذلك، ويرجّح على أساسه الرواية الأولى دون الرواية الثانية والغريب في هذا الأمر هو ذكر العلماء لكلّ من الروايتين دون ترجيح واحدة على الأخرى، وهذا بتقديري يكرّس مفهوم التناقض والتضادّ بين الأشياء، مع أنّه كان بإمكانهم ترجيح إحداهما على الأخرى، كما رجّحنا حسب رأينا خروج الشهيد الكربلائي ـ على حسب الرواية الأولى ـ من كربلاء في وقت مبكّر والتحاقه بالحسين(علیه السلام) قبل وصول الحرّ إليه. ولقد أحسن الشيخ محمد مهدي شمس الدين حينما أشار إلى هذا الاضطراب من خلال العمل بالروايتين معاً دون الترجيح بينهما قائلاً:

«وقد اضطرب فيه كلام الطبري، فمرّة قال عنه إنّه تحوّل إلى الحسين من معسكر ابن زياد بعدما رفضوا عروض الحسين، ومرّة قال عنه إنّه خرج إلى الحسين من الكوفة قبل أن يلاقيه الحرّ، وكذلك اضطرب فيه كلام السيّد الأمين»([391]).

[391] أنصار الحسين: ص112.