وإنما وجب على الوجه واليدين والرأس والرجلين، لأن العبد إذا قام بين
يدي الجبار فإنما ينكشف من جوارحه ويظهر ما وجب فيه الوضوء، وذلك أنه بوجهه يسجد
ويخضع وبيده يسأل ويرغب ويرهب ويتبتل[252] وبرأسه يستقبله في ركوعه وسجوده
وبرجليه يقوم ويقعد[253].
الفصل السابع: في أسرار الغسل والتيمم
قال الشهيد الثاني[254]: أمر في الغسل بغسل جميع البشرة، لأن أدنى حالات
الإنسان وأشدها تعلقاً وتملكاً بالملكات الشهوية حالة الجماع وموجبات الغسل،
ولجميع بدنه مدخل في تلك الحالة، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن
تحت كل شعر جنابة»[255].
فحيث كان جميع بدنه بعيداً عن المرتبة العلية منغمساً[256] في اللذات الدنية كان
غسله أجمع من أهم المطالب الشرعية، ليتأهل لمقابلة الجهة الشريفة والدخول في
العبادة المنيفة[257]، ويبعد عن القوى
الحيوانية واللذات الدنيوية.