وإياك وأن تمازح لبيباً[602] أو غير لبيب، فإن اللبيب يحقد
عليك والسفيه[603] يجترئ عليك، لأن
المزاح يخرق الهيبة، ويسقط ماء الوجه، ويعقب الحقد، ويذهب بحلاوة الود، ويشين فقه
الفقيه ويجرئ السفيه، ويسقط المنزلة عند الحكيم، ويمقته[604] المتقون. وهو يميت
القلب، ويباعد عن الرب، ويكسب الغفلة، ويورث الذلة، وبه تظلم السرائر وتموت
الخواطر، وبه تكثر العيوب وتبين الذنوب. وقد قيل: لا يكون المزاح إلا من سخف أو
بطر، ومن بلي في مجلس بمزاح أو لفظ فليذكر الله تعالى عند قيامه. قال النبي صلى
الله عليه وآله وسلم: من جلس في مجلس وكثر فيه لفظه فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك:
«سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك» غفر له ما كان
في مجلسه ذلك[605].
[605]
سنن الترمذي، محمد بن عيسى الترمذي: 5/ 158، أبواب الدعوات، باب 39 ما يقول إذا
قام من مجلسه / ح1. وفيه النص: "من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه، فقال قبل أن
يقوم من مجلسه ذلك: «سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب
إليك» إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك".