قال أبو حامد: إذ قلت: ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمانِ
الرَّحِيمِ))[397] فانوِ به التبرك لابتداء القراءة
بكلام الله؛ وافهم أن معناه أن الأمور كلها بالله، وأن المراد بالاسم هنا هو
المسمى، فإذا كانت الأمور بالله فلا جرم كان ((الْحَمْدُ للّهِ))[398]، إذ النعم منه، ومن
يرى من غير الله نعمة أو يقصد غير الله بشكره لا من حيث إنه مسخر من الله ففي
تسميته وتحميده نقصان بقدر التفاته إلى غير الله.
فإذا قلت: ((الرَّحْمانِ الرَّحِيمِ))[399] فأحضر في قلبك أنواع
لطفه تتضح لك رحمته، فينبعث به رجاؤك، ثم استشعر من قلبك التعظيم والخوف بقولك: ((ماالِكِ يَوْمِ
الدِّينِ))[400]، أما العظمة فلأنه لا
ملك إلا له، وأما الخوف فلهول يوم الجزاء والحساب الذي هو مالكه.
ثم جدد الإخلاص بقولك: ((إِيّاكَ نَعْبُدُ))[401] وجدد العجز والاحتياج
والتبري من الحول والقوة بقولك: ((وإِيّاكَ نَسْتَعِينُ))[402]، وتحقق أنه ما تيسرت
طاعتك إلا بإعانته، وإن له المنة إذ وفقك لطاعته واستخدمك لعبادته، وجعلك أهلا
لمناجاته، ولو حرمك التوفيق لكنت من المطرودين مع الشيطان اللعين[403].