قال[349]: إذا قلت: «أعوذ
بالله من الشيطان الرجيم» فاعلم أنه عدوك، ومترصد لصرف قلبك عن الله حسداً لك على
مناجاتك مع الله وسجودك له، مع أنه لعن لسبب سجدة واحدة تركها ولم يوفق لها[350].
وأن استعاذتك بالله منه بترك ما يحبه وتبديله بما يحب الله لا بمجرد قولك،
وأن من قصده سبع أو عدو ليفترسه أو يقتله فقال: «أعوذ منك بذلك الحصن الحصين» وهو
ثابت على مكانه أن ذلك لا ينفعه، بل لا يعيذه إلا تبديل المكان، فكذلك من يتبع
الشهوات التي هي محاب الشيطان ومكاره الرحمان فلا يغنيه مجرد القول، فليقترن قوله
بالعزم على التعوذ بحصن الله عزّوجل عن شر الشيطان، وحصنه لا إله إلا الله، إذ قال
تعالى فيما أخبر عنه نبينا صلى الله عليه وآله وسلم: «لا إله إلا الله حصني»[351]، والمتحصن به من لا
معبود له سوى الله، فأما ((مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَواهُ))[352] فهو في ميدان الشيطان
لا في حصن الله.
[350]
أنظر: إحياء علوم الدين، الغزالي: 1/ 159، كتاب أسرار الصلاة، بيان تفصيل ما ينبغي
أن يحضر في القلب عند كل ركن وشرط من أعمال الصلاة. رسائل الشهيد الثاني، الشهيد
الثاني: 127، أسرار الصلاة.