العكس من ذلك تماماً لان الظرف السياسي الحرج الذي كان يعيشه كان يملي عليه ان يتخذ هذه الخطوة لاعادة الموازنة السياسية لصالحه، فالظروف الموضوعية التي كان يعيشها الامام الرضا عليه السلام كانت تختلف عن الظروف الموضوعية لبقية الائمة صلوات الله وسلامه عليهم.

وعدم قبول الامام الرضا عليه السلام لولاية العهد كان فيه تضييع خطير للقيادة المعصومة وللقاعدة المؤمنة معاً، لان المأمون كان مصمماً على تصفية الامام الرضا عليه السلام جسديا اذا لم يقبل ولاية العهد وكان الامام الجواد عليه السلام في سن لم يعتد الشيعة الرجوع إلى الامام فيها.

فرفض الامام عليه السلام المنجر إلى قتله سيؤدي إلى ضياع القاعدة بلا ادنى شك فكان الحفاظ على القاعدة المؤمنة يقتضي ذلك، كما ان هذه المدة التي امضاها الامام الرضا عليه السلام بعيداً عن الامام الجواد صلوات الله عليه ولدت عند الشيعة حالة من الاستعداد لقبول امامة الائمة عليهم السلام في سن صغيرة وهو امر قد تكرر بعد ذلك مع الامام الهادي والحجة المنتظر عليهما السلام.

فقبول ولاية العهد كان ضرورياً جداً للحفاظ على القاعدة المؤمنة من التفتت والضياع، فيكون موقف الامام الرضا عليه السلام منسجماً مع مواقف الائمة صلوات الله عليهم غاية الامر ان تغير الظروف الموضوعية وتبدل نوع التحدي الذي عاشته الامة في ذلك الحين اقتضى هذا النحو من التصرف.