بعد
معرفة ضعف سند الرواية فإنّها لا تدلّ على تضعيف المعلّى؛ لأنّه يظهر من سياق
الرواية أنّ أمر الإمام الصادق كان أمراً إرشادياً في لزوم التقية، وعدم إظهار
اعتقاده بالأئمّة بين الناس، لذا يقول له الإمام: يا معلّى لا تكونوا أُسراء في
أيدي الناس بحديثنا، إن شاؤوا أمنوا عليكم، وإن شاؤوا قتلوكم.
ثُمَّ
يوصيه بالكتمان، ونتيجة من لم يلتزم بذلك أما أن يموت مقتولًا، أو يموت بخبل،
ثُمَّ يؤكد له بأنّه سيقتل.
لكنه
أظهر معاجزهم والاعتقاد بهم والدعوة إليهم، فدعاه داوود بن علي وسأله عن شيعة أبي
عبداللَّه عليه السلام فقال له المعلّى: بالقتل تهددني! واللَّه لو كانوا تحت
قدمي هذا ما رفعت قدمي عنهم، ثُمَّ قتله. فقُتل رحمه اللَّه ولم يتعرّض بسببه أحد
من أصحاب الإمام الصادق لأذى.
وأنّ
ما قام به المعلّى نجد له نظيراً في سيرة بعض أصحاب النبيّ صلى الله عليه و آله
كأبي ذر الغفاري. فقد كان إسلامه في زمن الدعوة السرية، لكنه لم يلتزم بالسرية
والكتمان، وجهر بإسلامه، وعرّض نفسه للضرب والإهانة من قبل مشركي قريش، ولعلهم
أرادوا قتله لولا أن أنقذه العباس من أيديهم[185]،
وأنّ عمله هذا كان يعكس مدى إعتزازه بإسلامه، ومدى استعداده للتضحية في سبيله، فقد
صدر من أبي ذر الغفاري ما يخالف أمراً إرشادياً من أوامر النبيّ صلى الله عليه و
آله في لزوم السرية والكتمان، ولكن لم يتعرّض لجرح وتضعيف لعمله هذا، بل أصبح موضع
اعتزاز لدى المسلمين،