القوي للإنسان من أجل ترك معصية اللَّه»[1127].

الثانية: إنّ حقيقة الذكر هي استشعار المثول بين يدي اللَّه تعالى‌، وهو شعور يدفع الإنسان إلى تحمّل المسؤوليّات الفرديّة والاجتماعيّة. وكلّما ازداد هذا الشعور لدى‌ الإنسان قوّة يتّخذ الذكر لديه طابعاً واقعيّاً أعمق، وتتمخّض عنه آثار وبركات أكثر. والدوام على الذكر بهذا المعنى هو أمر عسير جدّاً، قال الإمام الصادق عليه السلام لأحد أصحابه في هذا المعنى‌:

«ألا اخبِرُكَ بِأَشَدِّ مَا فَرَضَ اللَّهُ عز و جل عَلى‌ خَلقِهِ [ثَلاثٌ‌]؟»، قُلتُ: «بَلى‌»؛ قَالَ: «إنصافُ النّاسِ مِن نَفسِكَ، و مُواساتُكَ أخاكَ، و ذِكرُ اللَّهِ في كُلِّ مَوطِنٍ. أما إنّي لا أقُولُ: سُبحَانَ اللَّهِ وَالحَمدُ للَّهِ، ولا إِلهَ إلَّااللَّهُ، وَاللَّهُ أكبَرُ، وإن كانَ هَذا مِن ذاكَ، ولكِن ذِكرُ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ في كُلِّ مَوطِنٍ إذا هَجَمتَ عَلى‌ طاعَةٍ أو عَلَى‌ مَعصِيَةٍ».[1128]

أكمل مصاديق الذكر

إنّ الصلاة أكمل مصاديق الذكر، والآية الكريمة: «أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي»[1129] تشير إلى هذا المعنى. فالصلاة إذا اقيمت بآدابها وشروطها- وخاصّة حضور القلب- ينجم عنها في الخطوة الاولى تطهير القلب من كلّ رذيلة وكلّ قبيح، كما قال الباري تعالى‌: «إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى‌ عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ»[1130]. وإذا زكّى المرء نفسه من لوث الرذائل، اتّصف بصفة التقوى، وتقوده في الخطوة الثانية إلى الدنوّ من بساط القرب الإلهي ومعرفته والأُنس به، كما نقل عن عليّ عليه السلام أنّه قال:

«الصَّلاةُ قُربانُ‌

[1127]. عشرة رسائل للمحقّق الكبير الفيض الكاشاني، عنى‌ بنشرها: رسول جعفريان، مطبعة نشاط، 1992 م.

[1128]. الكافي: 2/ 145/ 8.

[1129]. طه: 14.

[1130]. العنكبوت: 45.