إنّ الشرع الحنيف أولى اهتماماً في بيان بعض المزايا والصفات الكمالية
العالية التي تتمتع بها أُمّ المعصوم سواء في المجال العلمي أم العملي, المادي أم
المعنوي, فعندما يذكر القرآن الكريم السيدة مريم (س) (اُمَّ نبي الله عيسى علیه السلام ) فقد يكشف
أنّها محدثة الملائكة ومطهرة من كل شائبة, وقد احتلت مرتبة الاصطفاء من قِبَل الله
وأصبحت سيدة نساء عالمها, كما يتضح من قوله تعالى: {وَإِذْ
قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ
وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ}[1], وأيضاً
قوله تعالى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ
اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ
وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ}[2],
فإنّ الكمال الروحي والمعنوي الذي تجسّد في كيان السيدة مريم (س) قد أهّلها لكل هذه
المزايا ولأن تكون وعاءً وحجراً لنبيًّ من أنبياء أولي العزم*, كما بشرها الله
بهذه المنقبة العظيمة.
وهكذا الحال في أمّ نبي الله موسى وأخيه هارون‘ (السيدة يوخابيد (س) ), فقد
خصها الله بالإيحاء واليقين والإيمان, كما في قوله تعالى{وَأَوْحَيْنَا
إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي
الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ
مِنَ الْمُرْسَلِينَ}[3],
فقد أوحى الله لها