responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإنسان بين حضارة الذكر و حضارة النسيان نویسنده : قاسم، عيسى احمد    جلد : 1  صفحه : 103

كلّ ذرة، ويعلم منه كلّ خلجة وكل خاطرة. يعلم منه كلّ قواه، وكل ما فيه من ضعف، وكل ما يعتريه من نسيان، وكل ما يعتريه من خطأ، ويعلم منه كلّ ما يعالج أمره، كلّ ما يضره وكلما ما ينفعه، ويعلم بمحيطه الضيق، وبمحيطه الكوني الوسيع في كلّ ذرة من ذراته، وفي كلّ جنبة من جنباته، وفي كلّ تأثير من تأثيراته.

وعلى طريق هذا المنهج تقول الآية الكريمة:

«هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِيالْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَ يُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ إِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍمُبِينٍ‌ [1]»

الآيات الكريمة تُركّز على هدف الخلق للإنسان والتربية الإلهية المتجهة به إلى ذلك الهدف. والهدف هو الرحمة بالإنسان، وتدفّق الفيض الإلهي عليه، وهو فيض أول ما يتعلق بالذات الإنسانية للإنسان بما يقوِّمها من عقل متطلِّع إلى الحق، باحثٍ عن مصدر الوجود والحياة والنور والجمال، ومن قلب لا يعطيه الطمأنينة غير الإيمان، وروح لا تسعد إلا بمعرفة الله وعبادته والانشداد إليه. وتعلّقه بحاجات الإنسان الخارجية إنما هو من أجل كمال الإنسان في نفسه لكون الرحمة بهذا الكمال هدفا لخلق الإنسان، وإلا فقضاء حاجة الأكل والشرب وما ماثلهما من حاجات الخارج للإنسان لا تكون غايةً من خلقه وهي حاجات بدنٍ لا يمثل حقيقة الإنسان؛ إذ أنّ البدن المشار إليه في الآية الكريمة بالبشر مخلوق من طين، والطين لا يستمد الإنسان إشراقته وسموّه منه، وإنما يستمد ذلك من نفخة الروح، والروح هي التي تزداد سمواً وتقبل الخلود، وتترقى في سيرها تجاه الله سبحانه و تعالي.

والبدن بعد اشتداده ينحدر ويُنهك، وتنهدُّ قواه وتتبعثر بنيته، وتتشتت ذراته. ويحتفظ المضمون الروحي عند الإنسان بما تحقق له من نضجٍ ورشد


[1] سورة الجمعة: 2.

نام کتاب : الإنسان بين حضارة الذكر و حضارة النسيان نویسنده : قاسم، عيسى احمد    جلد : 1  صفحه : 103
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست