تولى
المهديّ العبّاسيّ الخلافة عام 158 بعد أنّ امتنع عيسى بن موسى ـ وليّ عهد المنصور
ـ عن التنازل إلى ابنه محمّد المهديّ ، فبدأ سياسته بالنظر
في المظالم ، والكفّ عن القتل وإطلاق سراح السجناء السياسيين ، حتّى نرى الحسن بن زيد يبايع المهديّ بصدر منشرح ونفس طيّبة .
ورأى
المهديّ انّ الحجاز ، وخصوصا بعد مقتل محمّد النفس الزكيّة ، أصبحت
مركزا رئيسيّا من مراكز الحركة الشيعيّة ، فرحل إليها عام 160
ليستميل إليه أهلها حتّى لا يشاركوا العلويين في حركاتهم ،
فأعلن المهديّ في الحجاز بداية سياسة جديدة والعفو العامّ ،
وبالغ في التقرّب إليهم ، حتّى قيل بأنّ عدد الثياب المهداة إلى أهالي مكّة مائة وخمسون ألف
ثوب ، وصرف عليهم أموالاً طائلة ، واهتم بالأماكن
المقدّسة فيها .
والشيعة
كانوا على حيطة من سياسة المهديّ وتعاملوا معها بحذر ،
إذ إنهم عرفوا أن المنصور نصح المهدي بقوله :
(يا بني إنّي قد جمعت لك من الأموال ما لم يجمعه خليفة قبلي ، وجمعت لك من الموالي ما لم يجمعه خليفة قبلي ، وبنيت
لك مدينة لم يكن في الإسلام مثلها ، ولست أخاف عليك إلّا
أحد رجلين : عيسى بن موسى ـ ولي عهد المنصور سابقا ،
وعيسى بن زيد أخو الحسن الذي بايع المهدي أولاً ـ .
فأمّا
عيسى بن موسى فقد أعطاني من العهود والمواثيق ما قبلته ،
ووالله لو لم يكن إلّا أن يقول قولاً لما خفته عليك ،
فاخرجه من قلبك .
وأمّا
عيسى بن زيد فانفق هذه الأموال واقتل هؤلاء الموالي واهدم هذه المدينة