كيف
يتخطّى الخليفة سيرة رسول الله ويأتي بوضوء يغاير وضوء المسلمين ؟ وما هو السبب الداعي لاتّخاذه هذا القرار مع علمه بأنّ ذلك يسبب معارضة
الصحابة له ، وربّما أدّى إلى أمور لا تحمد عقباها ؟
للإجابة
عن هذا السؤال لابدّ من التمهيد بمقدّمة ـ ولو إجمالاً ـ ذاكرين ما قيل في دواعي
اختلاف المسلمين على عهد عثمان وأسباب مقتله .
فقد أجمع
المؤرِّخون على أنَّ مقتل عثمان جاء لإحداثاته ،
ثمّ فسَّروا تلك الإحداثات بإيثاره لأقربائه وإعطائهم الحكم والمال[144] .
لكن هل
أن هذه الاحداثات هي وحدها كانت السبب في مقتله ؟
أو إنَّ
هناك عوامل أُخرى لم يذكرها المؤرّخون ؟
قال ابن
أبي الحديد في شرحه للنهج ، وهو في معرض حديثه عن إحداثات عثمان : إنَّها
وإن كانت إحداثا، إلّا أنَّها لم تبلغ الحدَّ الذي يستباح به دمه، وقد كان الواجب عليهم أن يخلعوه من الخلافة، حيث لم يستصلحوه لها، ولا يعجَّلوا بقتله[145] ، فإذا ثبت ذلك ، فما هو السبب إذَا ؟
نحن في
الوقت الذي لا ننكر فيه ما للدوافع الماليّة والسياسيّة من أثر في
[144] أنساب الأشراف 6
: 155 ـ 160 / باب أمر المسيّرين من أهل الكوفة إلى الشام ، شرح نهج
البلاغة لإبن أبي الحديد 3 : 17 ،
الطبقات الكبرى 3 : 64 / باب ذكر بيعة عثمان بن عفان .
[145] شرح نهج البلاغة
لإبن أبي الحديد 1 : 199 ـ 200 .