بن أبي سفيان ، الّذي كان حسّاساً إلى درجة كبيرة من ذكر النبيّ
0 ، إذ كيف يُقرنُ اسم بشر «محمد» باسم ربّ العالمين «الله» ؟![197] مع أنّ كلّ الأنبياء الذين جاؤوا بشرائع سابقة لم يقرن اسم أحدهم باسم
رب العزة في إعلامهم للطقوس الدينية، بل كان الناقوس والبوق والشبّور .
إذن لم يكن معنىً ـ بنظر معاوية ـ لمقارنة اسم النبيّ لاسم الربّ في السماء وفي المعراج ، بل يكفي بذلك أن يكون مناماً، أو اقتراحاً من عمر ، أو
وعلى ذلك فلا ضير
إذن في الزيادة أو الحذف في الأذان، فلَكَ أن تحذف « حيّ على خير العمل » كما فعل عمر وتضع موضعها « الصلاة خير من النوم » ، ولك أن تفرد الإقامة ولا تثنّيها « لحاجة لَهُمْ » ، ولك أن تزيد النداء الثالث يوم الجمعة ،
ووو إلى آخر هذه الاجتهادات ، إن كان لها آخِر .
ومن هذا الباب كان معاوية
أوّل من أفشى مقولة التثويب الثاني ، وهي دعوة المؤذّنُ
للخليفة أو الأمير ـ لكثرة مشاغله ـ إلى الصلاة بقوله « السلام على أمير المؤمنين ، الصلاة الصلاة رحمك
الله » ، وسار المغيرة بن شعبة على نهج معاوية في هذا أيضاً ، بل قيل إنّه أوّل من فعل ذلك .
ولكن صرّح الأعلام
بأنّ معاوية كان أوّل من أحدث هذا ، وتبعه المغيرة بن
شعبة ومَن حذا حذوه[198] .
فشاع الأمر واستفاض ، وصار كأنّه حقيقة لا مناص عن الإذعان لها ـ مع
أنّ الحقيقة الإسلامية هي شيء آخر ـ وراحت أصداء هذا
الحدث الأذاني تمتد وتمتد إلى العصر العباسي ،
ومنه وصلت إلى يومنا الحاضر .