بالقول أو أن
يُشرِّعوا من قِبَل أنفسهم ، إذ ليس لهم إلّا الاستماع إلى الوحي وانتظاره ، وقد انتظر الرسولُ
0 الوحيَ في تغيير القبلة مدّة ستّة شهر أو
سبعة حتّى نزل قوله تعالى : قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ
فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ[101] .
أمّا التشاور فهو
أبعدُ ما يكون عن أن يتولّد منه حكم شرعيّ ،
ذلك أنّ لله الدين الخالص وليس لغيره فيه من شيّ ،
كما قال جلّ جلاله : يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ
الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ
إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ للهِ[102] . من هنا يكون قول الحقّ تعالى : وَشَاوِرْهُمْ فِي
الْأَمْرِ دالاًّ على المشاورة في الموضوعات الخارجية وشئون الحياة اليومية ، والمواقف العملية من بعض الحوادث ،
كالموقف في الحرب ومواجهة مكائد الأعداء وإمكانيّات سبل السلام ، وما إليها .
وهذه المشاورة ذات
ثمرات صالحة ، منها : أنّها تُشعِر المشاوَرين بالمشاركة في صنع الموقف المسؤول ، ومنها أنّها تَهَبُهم طاقة للاندفاع في سبيل تنفيذ مقرّرات هذه
المشاورة وتحمّل نتائجها . ومع ذلك كلّه تظلّ لرسول الله 0 الكلمة الأخيرة في مقرّرات المشاورة ،
فهو الذي يحدّد ما ينبغي وما لا ينبغي ، ويكون عزمه في
المسألة هو الساري الجارى فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى الله .
إنّ الشورى ليس لها
دخل في الأحكام ، ومتى تدخّلت في الحكم فإنّها تكون قد شاركت الوحيَ في التشريع ، وهَوَّنت من شأن النبوّة والنبيّ ،
وفتحت باباً للتقوّل على الله ذلك التقوّل الذي هدّد اللهُ تعالى باجتراح ولو بعض منه .
ولقد حذّر اللهُ
رسولَه ـ وهو أحبّ خلقه إليه ـ أيما تحذير ، وهدّده أيّما تهديد