وممّا يجب التنبيه
عليه أنّ جماعة من السنة ببغداد قد ثاروا في سنة 447 هـ وقصدوا دار الخلافة وطلبوا
أن يسمح لهم أن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر فأذن لهم وزاد شرهم ، ثمّ استأذنوا في نهـب دور البسـاسـيري [ ذي المـيول الشـيعية الذي أجاز الأذان بالحيعلة الثالثـة ] وكان غائـباً في واسـط
فأذن لهـم الخليفـة .
وهي تلك السـنة
التي وقعت فيها الفتنة بين الشـافعية والحـنابلة ببغداد وأنكرت الحنابلة على
الشافعية الجهر بالبسملة والقنوت في الصبح والترجيع بالأذان[897] .
وذكر ابن الأثير
بعض حوادث هذه السنة ، فقال : فتبعهم من العامة الجم الغفير وأنكروا الجهر ببسم الله الرحمن
الرحيم ومنعوا من الترجيع في الأذان ، والقنوت في الفجر ، ووصلوا إلى ديوان الخليفة ، ولم ينفصل حال ، وأتى الحنابلة إلى مسجد بباب الشعير ،
فنهوا إمامه عن الجهر بالبسملة فأخرج مصحفاً وقال :
أزيلوها من المصحف حتّى لا أتلوها[898] .
وهذا يشير إلى أن
الخلاف الفقهي بين المسلمين لا ينحصر في الحيعلة الثالثة ولا ينحصر بالطالبيين ، فقد يذهب بعض أهل السنة إلى خلاف المشهور عندهم لثبوت شرعيتها عنده
وهذا ما نريد قوله ، وهو وجود أصل متجذر للمختلف فيه بين المسلمين ، وأن الطالبيين كانوا جادّين في الحفاظ على ما تلقوه ورووه من سنة
رسول الله
0 ، ونهج أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب 1 .
أما عموم اتباع نهج
الخلفاء فكانوا يتبعون عمر بن الخطاب وغيره من الخلفاء فيما شرعوه من الأمور التي
أشار الامام علي علیهالسلام إليها سابقاً .