وقال الفضل بن
شاذان ( المتوفّى
260 هـ ) مخاطباً
أهل السنّة : ورويتم عن أبي يوسف القاضي ـ رواه
محمّد بن الحسن عن أصحابه ـ وعن أبي حنيفة ، قالوا : كان الأذان على عهد رسول الله وعلى عهد أبي بكر وصدراً من خلافة عمر
يُنادى فيه « حيّ على
خير العمل » .
فقال عمر بن الخطاب :
إنّي أخاف أن يتّكل الناس على الصلاة إذا قيل : « حيّ
على خير العمل » ويَدَعُوا الجهاد ، فأمر أن يطرح من الأذان « حيّ
على خير العمل »[733] .
إنّ كل هذه النصوص
دالّة على أنّ إسقاط « حيّ
على خير العمل » من
الأذان كان في عهد عمر بن الخطّاب ، وأنّ الصحابة كانوا
قد أذّنوا بها على عهد رسول الله 0، وعلى عهد أبي بكر ، وصدراً من خلافة عمر ، وأنّ عمر سمعها يوماً
فأمر بالإمساك فيه عنها وقال : إذا سمعها الناس ضيّعوا الجهاد .
إنّ عمر نفَّذَ في
أثناء تسلّمه أزمّة الأمور ما كان يطمح إليه من حذف « حيّ على خير العمل » التي كانت في أذان المسلمين ،
وقد سمعت أنّ مما نقمه المسلمون على عمر حذفه « حيّ على خير العمل » .
و يبدو أنّه لم يتسنَّ لعمر أن يحذفها بعد وفاة النبيّ 0 مباشرة وإن حاول ذلك ، وكان الجهاد قائماً على سوقه أيضاً ،
لكنّه نجح في ذلك عند استلامه الخلافة مسكتاً المعارضين بالقوة والشدة المعهودتين
منه .
ومن هنا تعرف أنّ
المقصود من كلمة بلال «لا أوذّن لأحد بعد رسول الله» أنّها تعني :
أنني لا أوذّن لأحد اغتصب الخلافة ظلماً بعد رسول الله ، ومن جدّ في حذف ما يدل على الإمامة والولاية وإسقاطها من الأذان[734] .
[733] الايضاح : 206
وراجع كتاب العلوم 1 : 92 والاعتصام بحبل الله المتين
1 : 296 ، 299 ، 304 -
[734] هذا ما سنبحثه في الفصل القادم
« حي على خير العمل دعوة إلى الولاية » .