أضف إلى ذلك كله أنّه
ما الداعي إلى اختلاف أذان أهل مكّة عن أذان أهل المدينة ،
واختلاف الأذانين عن أذاني أهل الكوفة وأهل البصرة ؟
ولماذا يختلفون
فيما هو ـ واللفظ لابن حزم ـ « منقول نقل
الكافّة بمكّة وبالمـدينـة وبالكوفـة ، لأنّه لم يمرّ بأهل
الإسلام يوم إلّا وهم يؤذّنون فيه في كلّ مسجد من مساجدهم خمس مرّات فأكثـر ، فمثل هذا لا يجـوز أن يُنسى ولا أن يُحرّف »[5] .
فلماذا نُسي أو
حُرّف هذا الأذان واختُلف فيه بين مصر وآخر ؟
ولو صحّ ما قاله
ابن حزم ـ من صحّة جميع منقولات الأذان على اختلافها ـ عند
جمعه بين الوجوه في الأذان ؛ فكيف يمكننا أن نوفّق بين وحدة الشر يعة وبين تعدّدية الأذان ؟ فهل كان رسول الله قد
صحّح الجميع ؟ أم وقع في الأذان تغيـير يشهد به إحداث عثمان بن عفان للأذان الثالث
يوم الجمعة[6] ؟ .
قال ابن حزم جامعاً
بين كلّ تلك الوجوه :
« كلّ هذه الوجوه قد كان يُؤذّن بها على عهد رسول الله بلا شكّ ، وكان الأذان بمكّة على عهد رسول الله يسمعه1 إذا حجّ ،
ثمّ يسمعه أبو بكر وعمر ، ثم عثمان بعده1 فمن الباطل الممتنع المحال الذي لا يحلّ أن يظنّ بهم أنّ أهل مكّة
بدّلوا الأذان وسمعه أحد هؤلاء الخلفاء رضي الله عنهم ، أو بلغه والخلافة بيده فلم يغيّر
وكذلك فُتحت الكوفة ونزل بها
طوائف من الصحابة رضي الله عنهم ، وتداولها عمّال عمر
بن الخطاب ، وعمّال عثمان رضي الله عنهما ،
كأبي موسى الأشعري ، وابن مسعود ، وعمّار ، والمغيرة ،