اعلم
أنّ المشيئة قد تكون مشيئة حتم، كمشيئة اللّه سبحانه و تعالى لخلقنا على الصفات
الجارية في علمه السابق فهو يقع كما شاء، و قد تكون مشيئته تخلية للعبد بينه و بين
فعله، كما يخلّي اللّه سبحانه بين العصاة و بين معاصيهم، إذ لم يتفضّل عليهم و
يعصمهم منها، فمشيئته فيها عدم عصمته لهم، و تركه إيّاهم و أنفسهم بعد ما بيّن لهم
من أمره و نهيه، فوافق علمه السابق في علمه لتمام حكمته، و بلوغ ما جرى من علمه من
الثواب للمطيع، و العقاب للعاصي.
فمشيئته
في الشرّ: التخلية من غير عصمة، و إذا لم يشأ عصم، كما خلّى بين آدم ع و أكل الشجرة
التي نهاه اللّه تعالى عنها، و كان أكله سببا لخروج الذرّية المأخوذة العهد و
الميثاق عليها- إلى هذه الدار على هذه الصفة، على ما جرى في علمه سبحانه أنّه كائن
و لا بدّ منه، و الأكل من الشجرة أصله و سببه، فنهاه سبحانه عن الأكل منها، و شاء
أن يخلّي بينه و بينها، و لا يعصمه في تلك الحال كما عصم
[2] اللهوف في قتلى الطفوف
لابن طاووس: 128، و فيه: إنّ اللّه قد شاء أن يراهنّ سبايا، و عنه في البحار 44:
364. في مكالمة الإمام الحسين ع مع أخيه محمّد بن الحنفية رضوان اللّه عليه.