نام کتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) نویسنده : آل فقيه العاملي، ناجي طالب جلد : 1 صفحه : 698
وتعريفُ المانع هو ما لولاه
لَعَمِلَتِ الصلاةُ عملَها ، فلو كنتُ أريدُ أن أضرِبَ زيداً فهجمتُ عليه ولكنه كان
خلف السيارة ، فلم أستطع على الوصول إليه ، فإنّ السيارة تكون ح مانعاً من أن
يَعمَلَ المقتضي عملَه ، وإنْ قيل مثلاً : "صَلّ في أيّ لباس شئت ، إلاّ في
النجس والحرير والذهب وغير مأكول اللحم والمَيتة" فإنك تعرفُ من خلال هكذا
سياق أنّ المذكورات تكون مانعةً من صحّة الصلاة ، فلا تعمل الصلاةُ عملَها التامّ
، وهذا يعني أنها موانعُ لصحّة الصلاة ، أو قُلْ لأنّ الله تعالى يـُبغض الصلاة
فيها . وإنما سمّيت هذه الاُمور مانعة لأنها تَمنع الصلاةَ من أن تَعمَل
عملَها ، فلبسُ
الذهبِ للرجال لا يَقطع الهيأةَ الإتصالية للصلاة ، وإنما هو أمْرٌ مبغوض عند
المولى جلّ وعلا ، فالمانع يجب أن يكون أمراً وجودياً ـ لا عدميّاً ـ كالحديدة الواقعة
بين النار والورقة .
وكذلك القاطع يجب أن يكون
أمراً وجودياً ، لكنّ الفرق بـينه وبين المانع هو أنّ القاطع أمْرٌ أجنبيّ عارضٌ
وطارئ على الإنسان يقطع الهيأة الإتصالية للصلاة ، كالقهقهة والكلام والرقص في
الصلاة التي دَخَلت على الصلاة فأبطلتها ، وكما لو وقع ولدي عن مرتفع حال
إرادتي الهجومَ على زيد ، فتركتُ زيداً لأُنقِذَ ولدي ، وقوعُ ولدي في هكذا حالة
هو قاطع لإرادتي ضربَ زيد .
وبتعبـيرٍ آخر ، الكلامُ والضحك
والأكل والشرب في الصلاة والفعل الكثير الخارج عن طبـيعة الصلاة وكُلُّ فِعلٍ يصدر
من المصلّي لا يناسب هيأةَ المصلّي ، فهو قاطع للصلاة . وبتعبـير آخر : هذه
المذكورات خارجةٌ عن حقيقة الصلاة ، وإنما سُمِّيَتْ هكذا اُمورٌ قاطعَةً
لأنها تُلغي الإتصال بين أجزاء الصلاة .
ولك أن تقول : يجب أن تكون
الصلاة عبادةً مقرِّبةً للمولى جلّ وعلا ، فإذا رقص الإنسانُ في صلاته كان الرقصُ
قاطعاً للصلاة ، لأنه ألْغَى هيأةَ العبادة .
مثال آخر : الفِعْلُ الكثيرُ بين
أفعال الوضوء يُلغِي صورةَ الوضوء وهيأتَه ، فهو إذن قاطع .
وهنا يجب أن نـتعمّق بالفكرة
أكثر فنقول : بعضُ الاُمور هي شروط ، وبعضها موانع ، وبعضها قواطع :
فالطهارة ـ مثلاً ـ شرطٌ ، لظهور "لا
صلاةَ إلاّ بطهور" أنّ الطهارة شرط ، ومثلُها الإستقبالُ ونيّة القربة إلى
الله تعالى ، فإذا فُقِدَتْ نِيّةُ القربة أو استقبال القبلة فليست هي العبادةَ
المطلوبة عند المولى عزّ وجلّ ، وكذلك يشترط في التذكية التوالي العرفي بين البسملة
وفري الأوداج الأربعة ، فلو تخلّل بـينهما فعلٌ كثير لما تحقّقت التذكية ، وكترْكِ
الصلاةِ لفترة طويلة من دون أيّ فعل ، لأنّ من شروط الصلاةِ الإتصالَ والموالاة
العرفية ، فيكون
تارك الصلاة لفترة طويلة ملغياً لشرطٍ من شروط الصلاة الذي هو الموالاة
العرفية ، ولكن لو صار يأكلُ ويلعب فإنه يكون قد قطع الصلاةَ .
نام کتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) نویسنده : آل فقيه العاملي، ناجي طالب جلد : 1 صفحه : 698