نام کتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) نویسنده : آل فقيه العاملي، ناجي طالب جلد : 1 صفحه : 391
* ثم إنّ العِدْلَين في موارد
الوجوب التخيـيري يجب أن يكونا متباينين ، ولا يمكن أنْ يكونا من الأقلّ والأكثر ،
لأنّ الزائد في مسألة الأقل والأكثر يجوز ترْكُه من دون بديل ، وذلك بـبـيان أنّ التخيـير
بين الأقل والأكثر سواءً في الإيجاب ـ كما في "صَلِّ نافلةً واحدةً أو
نافلتين" ـ أو في السلب ـ كما في قول المولى "اُتركْ هذه الغرفةَ أو
اُتركْ كلّ البـيت" ـ غير معقول ، لأنه يكفي في المثال الأوّل صلاةُ نافلةٍ
واحدة ، ويكفي في المثال الثاني أن يترك الغرفةَ المعيّنةَ فقط ، أي كأنّ المولى
قال "صلِّ نافلة واحدة ، وإن شئت صَلِّ اثـنـتَين" ، وكذا في المثال
الثاني ، فكأنّ المولى قال "اُتركْ هذه الغرفةَ ، وإن شئت فاتركْ كلَّ البـيت"
. وأمّا إن تردّدنا بين وجوب الأقلّ أو وجوب الأكثر الإستقلاليين فنحن إذن نشكّ في
وجوب الزائد ، فتجري البراءةُ عن الزائد المشكوك بالإجماع ، لأنه شكّ في أصل وجود
تكليف زائد .
* * *
* *
دوران الأمْرِ بين التعيـين والتخيـير
السؤال في هذا البحث هو أنه إذا شُكّ في
واجبٍ ما ـ كالعِتـق مثلاً ـ هل أنه واجبٌ تعيـيني أو واجبٌ تخيـيري ، فما هو
الموقف الشرعي ؟ وهل تجري البراءةُ عن التعيـين أم تجري أصالة الإشتغال ـ كما هو
الصحيح ـ ؟ وبتعبـير آخر : لو شككنا في كون وجوب العتـق بنحو التعيـين ـ أي هو
واجب مطلقاً أي حتى ولو أطعم ـ أو بنحو التخيـير الشرعي ـ وهو يعني عدمَ وجوبِ
العتـق إذا أطعم ـ ، فإنْ أطْعَمَ المكلّفُ ستّين مسكيناً فإنه سوف يَشُكُّ ـ لا
محالةَ ـ في رفع وجوب العتـق عنه ، فهل يَستصحِبُ بقاءَ التكليفِ بالعتـق أم لا ؟
وأعني من الإستصحاب هنا الإستصحابَ العقلي ـ وهو استصحاب العدم أي أصالة العدم ـ
أي هل تَجري (أصالةُ الإشتغال اليقيني يَستدعي الفراغَ اليقيني) العقليّة أم ماذا
؟
الجواب هو أنه إذا كان
الدليلُ الشرعي على التخيـير تامّاً فلا شكّ ح في لزوم التمسّكِ به وذلك بمقتضى الجمع
العرفي بين التعيـين والتخيـير ، بمعنى وجوب حمْلِ التعيـينِ ح على كونه أحدَ
أفراد الخصال التخيـيريّة ، وذلك كما لو ورد روايتان صحيحتان ، إحداهما تـقول
"أعتـِقْ رقبةً" والثانية تـقول "أعتـِقْ أو صُمْ أو أطْعِمْ"
، فلا شكّ عند أحد في كون الكفّارة ح هي إحدى الخصال الثلاثة .
وأمّا إن لم تكن أدلّةُ كلا
الطرفين تامّةً
ـ كما لو كانت أدلّة الطرفين ضعيفة ـ وتعيّنَ الرجوعُ إلى الأصول العمليّة فلا شكّ
ح في جريان أصالة الإشتغال ، ولا يُحتمَلُ جريانُ البراءة عن وجوب العتـق ، بمعنى
أنه لا وجه لذلك ، فأنت تعلم بتحصيل الملاك في حال العتـق ، وتشكّ في تحصيله في
حال الإطعام ،
نام کتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) نویسنده : آل فقيه العاملي، ناجي طالب جلد : 1 صفحه : 391