نام کتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) نویسنده : آل فقيه العاملي، ناجي طالب جلد : 1 صفحه : 208
مثال ذلك : يشترط في الوجوب
الفعلي للحجّ تحقّقُ الإستطاعة المالية وصحّة البدن وتخلية السرب والسعة في الوقت
والرجوع إلى الكفاية وو .. فلو استطاع شخص ـ من حيث القدرة المالية فقط ـ أن يذهب
إلى الحجّ ، فإنّ وجوب الحجّ لا يصير عليه فعلياً ـ بمجرّد قدرته الماليّة ـ وإنما
يجب أن تـتحقّق سائرُ شروط الوجوب الفعلي للحجّ ـ من السعة في الوقت وصحّة البدن
وتخلية السرب وغير ذلك .. ـ ليتـفعّل عليه وجوب الحجّ .
وهكذا لاحظتَ أنه لا يوجد دور
أصلاً في كلتا المسألتين .
ثم إذا علم الإنسانُ بتحقّق كلّ
شروط الوجوب فح يتـنجّز عليه الوجوب الفعلي .
وكذا الأمرُ تماماً في مسألة
القصر في الصلاة ، فإذا علم المسافرُ ـ العارفُ بوجوب القصر على المسافر ـ أنه قد
قطع مسافة السفر وعلم بتحقّق كلّ موجبات القصر ـ مِن قصْدِ السفرِ وإباحتِه وو ـ
فإنه ح يتـنجّز عليه الوجوب الفعلي للقصر ، بمعنى أنه كان قد تحقّق لديه الوجوب
الفعلي للقصر ، لكن قبل علمه بتحقّق مقدّمات الوجوب للقصر لا يصير هذا الحكم
منجّزاً .
فإن قلتَ : بل يمكن القول بأنّ
مَن سَمِعَ كلامي فليأتـني بماء ، فهنا قد قُيّدَ نفس الجعل الأوّل بالعِلْم به من
دون حاجةٍ إلى متمّم للجعل ،
قلتُ : لكن هذا المثال لا
يصير في عالمَي الثبوت والإثبات ، فإنه لا يأتينا من عند الله تعالى هكذا كلام
(مَن يسمعُ كلامي فليُصَلّ قصراً في السفر) ، فأيّ كلام هو الذي نسمعه قبلاً ؟! لا
شكّ أنه سيقول آية التقصير ؟ قلتُ : هذا يعني جعل آية التقصير أوّلاً ثم جعْلَ
العِلْمِ بها ليتحقّق عند المكلّف أحدُ شرائطِ الفعلية .
المهم هو أنه لا إشكال في إمكان
جعل أحكام مخصوصة بالعالمين بها ، لكن بجعلين .
وعليه ، فإذا شككنا في تقيّد
حكم ما ـ وهو الجعلُ الأوّلُ السالفُ الذكر ـ بالعلم بجعله فعلينا أن نجري الإطلاق
المقامي لنـنفيَ متمّمَ الجعل لأنه أمْرٌ آخر لم يخبرنا به المولى ، ولك أن تـتمسّك أيضاً بالإطلاق اللفظي للوجوب الأوّل ، كما لو
سمعتَ بوجوب الجهر والإخفات ، وشككت ـ بسبب دليل ضعيف مثلاً ـ باشتراط العلم في
ترتّب الوجوب الفعلي ، فهنا لك أن تـتمسّك بإطلاق الوجوب من التقيّد بالعلم .
ويرى المحقّق النائينيبضرورة الإهمال في
الجعل الأوّل ، وذلك لعدم إمكان التقيـيد بالعلم في نفس الجعل الأوّل ـ كما ذكرنا
ـ وعليه فتكون النسبة بين الإطلاق والتقيـيد الثبوتيـين هي العدم والملكة ، ولا
بأس بما أفاده . فإنه من الضروري أن يكون للمولى تعالى لحاظات فعلية في كلّ
نام کتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) نویسنده : آل فقيه العاملي، ناجي طالب جلد : 1 صفحه : 208