وبقي العارفون بالحق والثابتون عليه غير متمكنين من إظهار ما في
نفوسهم، فتكلم بعض ووقع منهم[248] من النزاع ما قد أتت به
الرواية، ثمّ عادوا عند الضرورة إلى الكف والإمساك وإظهار التسليم مع إبطان
الاعتقاد للحق، ولم يكن في وسع هؤلاء إلّا نقل ما علموه وسمعوه من النصّ إلى
أخلافهم ومن يأمنونه على نفوسهم، فنقلوه، وتواتر الخبر به عنهم»[249].
«إنّ وجه دخول الشبهة على القوم أنّهم لمّا سمعوا
الرواية عن الرسول (ص) في
قوله: الأئمة من قريش[251] ظنوا أنّ ذلك إباحة
الاختيار، وأنّ الأخذ بهذا القول العام أولى من الأخذ بالقول الخاص المسموع في يوم
الغدير وغيره»[252].
[250] سيقوم المصنّف بذكر وجه
ثالث في البحث التالي الذي يتحدث فيه عن أقسام نصّ الحديث.
[251] مسند أحمد: 3/129، السنن
الكبرى للبيهقي: 3/121، وتنظر: تخريجات الحديث في كتاب: (تدوين السنة الشريفة
للسيّد الجلالي:128).
[252]الشافي: 2/127، وذكر
القاضي عبد الجبار هذا النصّ مع شيء من التغيير والحذف، حيث قال: «ومن عجيب أمر
هذا المستدل [ٍ ابن قِبَة] أنّه ادّعى ما يجري مجرى الضـرورة عند هذا الخبر، ثمّ
قال: اشتبه على الناس بعد وفاة النبيّ (ص)
حالُ هذا النصّ من حيث ثبت عندهم قوله (ص) : الأئمة من قريش، فظنوا أنّ هذا
العموم يقضـي على ذلك النصّ». (المغني: 20/ق1/158).