نام کتاب : المحكم في أصول الفقه - ط دار الهلال نویسنده : الحكيم، السيد محمد سعيد جلد : 1 صفحه : 289
لأنها وإن لم تخرج عما استعملت
فيه من النسبة البعثية أو الزجرية، إلا أن ما سبق من أصالة كون الداعي للاستعمال
هو البعث أو الزجر بمقتضى بناء أهل اللسان لا يجري في الموردين المذكورين، بل
المتيقن لهم كون الداعي رفع النهي أو الأمر السابقين أو بيان عدمهما.
ولا
مجال لما يحكى عن بعض العامة من عدم خروج صيغة الأمر في المورد المذكور عن الدلالة
على الوجوب، فضلًا عن أصل الطلب.
ومثله
ما عن المشهور من دلالتها على الإباحة لو أُريد بها الإباحة بالمعنى الأخص التي هي
أحد الأحكام الخمسة، لعدم المنشأ لذلك.
وإن
أُريد بها الإباحة بالمعنى الأعم، التي هي محض الإذن في الفعل وعدم النهي عنه طابق
ما ذكرناه.
هذا،
وعن بعضهم أن الأمر إن عُلِّق بزوال علة النهي كان ظاهراً في رجوع الحكم الثابت
قبل النهي، كما في قوله تعالى: «وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا»[89]
وكقوله سبحانه: «فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ
اللَّهُ»[90].
ويجري نظيره في النهي، فهو لو عُلِّق بزوال علة الأمر كان ظاهراً في رجوع الحكم
الثابت قبله.
وهو
قد يتجه لو كانت علة النهي أو الأمر المرتفعين من سنخ العنوان الثانوي الطاريء
على العنوان الأولي والمانع عن تأثير مقتضيه، كما في الآيتين المتقدمتين، لأن
مقتضى إنتهاء أثر العنوان الثانوي المذكور بارتفاعه فعلية الحكم الأولي، لارتفاع
المانع منه.