محتاجا إلى سائر الناس لتسديده وإرشاده، وإنقاذه من الهفوات والعثرات.
فالرسول لا بدّ من تعيينه من قبل اللّه تعالى، لأنّه هو العالم بأسرار
خلقه، ولا يمكن الخلق أن يشخّصوا ذلك الانسان الكامل واللائق بهذا المنصب
العظيم، قال تعالى (وَلََكِنَّ اَللََّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشََاءُ فَآمِنُوا بِاللََّهِ وَرُسُلِهِ)[1] وقال تعالى (وَرَبُّكَ
يَخْلُقُ مََا يَشََاءُ وَيَخْتََارُ مََا كََانَ لَهُمُ اَلْخِيَرَةُ
سُبْحََانَ اَللََّهِ وَتَعََالىََ عَمََّا يُشْرِكُونَ)[2]. اختيار الخليفة لا يكون إلاّ من قبل اللّه تعالى:فإذا
كان الرسول لا بدّ من أن يختاره اللّه تعالى ويجتبيه، وليس للخلق الخيرة
في ذلك، فكذلك من يخلفه، ويقوم مقامه من بعده، حيث إنّ ولاية الأمر من بعد
الرسول أمر ضروري، لا غنى عنه، فإنّ الدين بسعته لعامّة البشر في عامّة
الأعصار والأقطار، في جميع ما يتعلّق بالمعارف الأصليّة، والاصول الخلقيّة،
والأحكام الفرعيّة العامّة لجميع حركات الإنسان وسكناته، في حال الانفراد
والاجتماع يحتاج إلى حافظ يحفظه حقّ الحفظ، ويكون مكمّلا للرسالة، وامتدادا
لها، لئلاّ يتيه الناس من بعد الرسول ويرتدّوا، فترجع إليهم جاهليّتهم.
وهذا الشخص لا بدّ من أن يكون على ذلك المستوى الّذي كان عليه النبيّ صلّى
اللّه عليه وآله وسلّم في جميع الجهات، لأنّه هو الذي يتحمّل أعباء
مسئوليّة الرسالة والتبليغ.
ومثل هذا الشخص لا يمكن اختياره إلاّ من قبل اللّه تعالى، فإنّ ولاية الأمر
والإمامة هي عهد اللّه تعالى، فبعد ما بشّر اللّه تعالى إبراهيم بقوله (إِنِّي جََاعِلُكَ) [1] آل عمران: 179. [2]القصص: 68.