نام کتاب : بحار الأنوار - ط مؤسسةالوفاء نویسنده : العلامة المجلسي جلد : 0 صفحه : 35
حفّل تلكم الدروس الراقية بما أفادت يمناه من
الغرر و الدرر في تحقيق المعاني و توضيح مغاز و دلالات، و حلّ مشكل الحديث، و
الإعراب عمّا هو المراد منه، و بما جادت غريزته السليمة عند بيان نوادر الألفاظ، و
غرائب اللّغات، و تعارض الآثار، و تشاكس المعاني.
أتى قدّس سرّه في غضون مجلّدات هذا السّفر
القيّم الضخمة أبوابا واسعة النطاق كنطاق الجوزاء في شتّى فنون الإسلام و علومه، و
لم يدع رحمه اللّه بحرا إلّا خاضه، و لا غمرة إلّا اقتحمها، و لا واديا إلّا سلكه،
و لا حديثا إلّا أفاض فيه، و لا فنّا إلّا ولجه، و لا علما إلّا بحث عنه و أبلجه،
حتّى جاء كلّ مجلّد في بابه من العلم كتابا حافلا في موضوعه، جامعا شتاته، حاويا
نوادره و شوارده، جمّع الفرائد و ألّف الفوائد، كلّ ذلك بنسق بديع، و سلك منضّد، و
ترتيب يسهل للباحث بذلك الوقوف على فصوله.
و الباحث مهما سبح في أجواء هذا البحر الطامي، و
غامس في غمراته، و اغتمس في أمواجه يرى أمرا إمرا، و يحوله سيبه الفيّاض، غير آسن
ماؤه، أصفى من المزن، و أطيب من المسك.
برز هذا الكتاب الكريم إلى الملأ العلميّ بحلّة
زاهية، و روعة و جمال، ساطعة أنواره، زاهرة أنواره[1]، ناصعة حقائقه،
رقراقة دقائقه، يجمع كلّ من أجزائه بين دفّتيه من العلم الناجع ما لا غنى عنه لأيّ
باحث متضلّع، ففيه ضالّة الفقيه، و طلبة المفسّر، و بلغة المحدّث، و بغية العارف
المتألّه، و مقصد المؤرّخ، و منية المفيد و المستفيد، و غاية الأديب الأريب، و غرض
النطاسيّ المحنّك، و نهاية القول إنّه مأرب المجتمع العلميّ من أمّة محمّد صلّى
اللّه عليه و آله، فالكتاب تقصر عن استكناه وصفه جمل الثناء و الإطراء، و ينحصر
دون إدراك عظمته البيان، و ما فاه به الأشدق الذلق الطلق فهو دون حقّه و حقيقته.
قد استصغر شيخ الإسلام المجلسيّ ما كابده و
عاناه و قاساه في تنسيق كتابه هذا، و استسهل ما تحمّل من المشاقّ في السعي وراء
غايته المتوخّاة و تأليفه الباهظ، كلّ