responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مصباح المنهاج / الصوم نویسنده : الحكيم، السيد محمد سعيد    جلد : 1  صفحه : 323

النهار بطلوع الفجر، لا بطلوع الشمس[1].

[1] يحسن منا بهذه المناسبة أن نتعرض لوجه ذلك، ولاسيما بعد إصرار بعض مشايخنا? على خلافه، وأن النهار لا يدخل إلا بطلوع الشمس، ويظهر من لسان العرب وجود القول بذلك لغة حيث نسبه للقيل بعد ذكر القول الأول، ويظهر من القاموس التردد بين الأمرين.
وقد استدل بعض مشايخنا? على ذلك بوجوه:
الأول: أن ذلك هو المفهوم منه عرفاً، لأن نصف النهار عندهم منتصف ما بين طلوع الشمس وغروبها، وذلك لا يكون إلا بأن يكون مبدأ النهار طلوع الشمس، وقد شاع التمثيل للقضية الشرطية بقولهم: إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود، وإذا كان النهار موجوداً فالشمس طالعة.
الثاني: أن المصطلح عليه عند علماء الهيئة والمنجمين إطلاق اليوم على ما بين طلوع الشمس وغروبها، وهو أمر شايع في كلامهم.
الثالث: قوله تعالى: ?أقم الصلاة طرفي النهار?ـــــــــــــــــــــــ
[1]، بضميمة ما في صحيح زرارة عن أبي جعفر? في حديث طويل قال? في تفسير الآية الشريفة: «وطرفاه المغرب والغداة»[2]، وحيث لا إشكال في أن المغرب ليس من النهار، فلابد من كون المراد بطرف النهار في الآية الكريمة ما خرج عنه واتصل به، لا أوله وآخره، وذلك يقتضي كون وقت صلاة الغداة قبل النهار، لا أوله.
الرابع: ما تضمن أن الزوال وسط النهار كقوله? في صحيح زرارة المتقدم: وقال تعالى: ?حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى? وهي صلاة الظهر وهي أول صلاة صلاها رسول الله7، وهي وسط النهار...». وكذا ما تضمن أنه نصف النهار، كصحيح الحلبي عنه?: «أنه سئل عن الرجل يخرج من بيته، وهو يريد السفر وهو صائم. قال: فقال: إن خرج من قبل أن ينتصف النهار، فليفطر، وليقض ذلك اليوم، وإن خرج بعد الزوال فليتم يومه»[3]. وصحيح محمد بن مسلم عنه?: «قال: إذا سافر الرجل في شهر رمضان، فخرج بعد نصف النهار فعليه صيام ذلك اليوم...[4]، وصحيح ابن سنان عن أبي عبدالله? : «قال: من أصبح وهو يريد الصيام ثم بدا له أن يفطر فله أن يفطر ما بينه وبين نصف النهار، ثم يقضي ذلك اليوم...ـــــــــــــــــــــــ
[1]، وغيره، بضميمة ما تضمن أن آخر وقت نية صوم القضاء هو الزوال، كصحيح جميل بن دراج عنه?: «أنه قال في الذي يقضي شهر رمضان إنه بالخيار إلى زوال الشمس...[2]، وغيرها.
لكن الأول في غاية المنع، فإن وضوح بناء العرف على دخول النهار بطلوع الفجر يغني عن إطالة الكلام في الاستدلال عليه، ولا يخطر ببال أحد يصبح بعد الفجر أن الليل باق بعد والنهار لم يدخل.
وكأن منشأ بناء العرف على ذلك أن الليل ارتكازاً متقوم بالظلام، لا بعدم الشمس، كما أن النهار متقوم بالنور لا بالشمس، وإنما هي سبب له، كما يناسبه قوله تعالى: ?فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة?[3]، وقولهم: ليل أليل، يعني شديد الظلام. إلا أنه لما لم يكن تبدل الحال تكويناً ــ من الليل بظلمته إلى النهار بنوره، ومن النهار بنوره إلى الليل بظلمته ــ دفعياً، بحيث يتبدل الحال رأساً من ليل مطبق إلى نهار مطبق، وبالعكس، بل تدريجياً، فيبدأ النور من جانب المشرق تدريجاً حتى يستوعب السماء، وتزول ظلمة الليل، كما يبدأ الظلام من جانب المشرق تدريجاً حتى يستوعب السماء ويزول ضياء النهار، كان مبدأ كل من الليل والنهار عرفاً بأول ظهور الظلام والنور من جانب المشرق، لا باستيعابهما للجو، كما يشير إلى ذلك مثل قوله تعالى: ?ذلك بأن الله يولـج الليل في النهار ويولـج النهار في الليل وأن الله سميع بصير?[4]. حيث عبر عن الظلام والنور البادئين من جانب المشرق قبل تطبيقهما بالليل والنهار، ومن ثم أمكن أن يلج أحدهما في الآخر. فكما بنى العرف على أن مبدأ الليل بمغيب الشمس الذي به يبدأ الظلام من دون أن يستوعب السماء، كذلك بنوا على أن مبدأ النهار طلوع الفجر الذي به يبدأ النور من دون أن يستوعب السماء.
وكيف كان فسواء تم ما ذكرناه في منشأ بناء العرف على دخول النهار بطلوع الفجر وتوجيهه، أم لم يتم، لا مجال للإشكال في أصل بنائهم على ذلك. ولاسيما مع ما يأتي من الشواهد عليه.
وأما ما استشهد به? من قولهم: كلما كانت الشمس طالعة فالنهار موجود، وكلما كان النهار موجوداً فالشمس طالعة. فالشرطية الأولى فيه لا تنافي المدعى، لأن الجزاء جملة اسمية، تتضمن الثبوت والوضوح لا مجرد الحدوث، ولا محذور في الإخبار عن ثبوت الشيء ووضوحه بعد زمان حدوثه.
نعم لو كان التعبير هكذا: إن كانت الشمس طالعة وجد النهار، أو أن طلعت الشمس وجد النهار كان منافياً للمدعى. كما تنافيه الشرطية الثانية.
لكنها ـ لو تم التمثيل بها ـ ليست قضية عرفية، بل تختص بجماعة خاصة قد تخرج عن المفهوم العرفي في بعض قضاياها، لشوب أذهانها بأوهام أو مصطلحات خاصة، خصوصاً إذا سيقت تلك القضايا لمجرد التمثيل من دون تبنٍ لها والتزام بها.
ومنه يظهر الحال في الوجه الثاني، فإن المصطلح المذكور ــ لو تم ــ يبتني على نكات فلكية متعلقة بسير الشمس ونحوها، مخرجة عن المفهوم العرفي، فلا تنفع في تحديده.
وأما الوجه الثالث فيندفع بأن إطلاق طرفي النهار في الآية الشريفة قد يبتني على التوسع والتسامح في تطبيق الطرف بالإضافة إلى صلاة المغرب، لأن وقتها حيث كان متصلاً بالنهار، وفيه بقية من نوره، صار كأنه آخر النهار، كما كان وقت الفجر أوله حقيقة، أو على الخروج عن السياق في معنى الطرف، فيراد منه في الفجر أول النهار، وفي المغرب ما يجاوره آخره، أو على التغليب في إطلاق الطرف، كل ذلك من أجل وضوح المفهوم العرفي للنهار، بالنحو الذي ذكرنا.
بل لا ينبغي الإشكال في لزوم توجيهه بأحد الوجوه المذكورة بلحاظ نفس الصحيح المفسر للآية الشريفة، فإنه كما تضمن تفسير الطرفين بالمغرب والغداة تضمن أن صلاة الظهر بين صلاتين نهاريتين، حيث قال?: «وهي أول صلاة صلاها رسول الله7، وهي وسط النهار، ووسط صلاتين بالنهار صلاة الغداة وصلاة العصر».
وأما ما ذكره? من أن الفقرة المذكورة لما لم تكن مناسبة للتصريح فيه بأن وقت صلاة الظهر وسط النهار ـ الملازم لكون مبدئه طلوع الشمس، لا طلوع الفجر ــ تعين تأويلها بابتناء وصف صلاة الغداة بأنها نهارية على التسامح بلحاظ امتداد وقتها حتى يتصل بالنهار الحاصل بطلوع الشمس، لا لكونها نهارية حقيقة.
ففيه: أن التأويل المذكور بعيد جداً، وأقرب منه حمل توصيف الزوال بأنه وسط النهار أو نصفه في الصحيح وغيره على الجري عما عليه الناس من إطلاق نصف النهار على الزوال بلحاظ النكتة الفلكية، وهي توسط الشمس في قوس طلوعها وغاية اشتداد نورها الذي هو منشأ نور النهار، كما أشرنا إليه في المتن. ولاسيما وأن النصف المذكور يسهل إدراكه ببلوغ الشمس غاية ارتفاعها، بخلاف النصف الحقيقي للنهار الذي بين طلوع الفجر وغروب الشمس، حيث أوجب ذلك تسامحهم في إطلاق نصف النهار على الزوال.
ومن ذلك يظهر الجواب عن الوجه الرابع، حيث يصلـح الصحيح المذكور لتوجيه إطلاق نصف النهار على الزوال مع كون مبدأ النهار حقيقة وعرفاً طلوع الفجر. ولاسيما وأن بعض النصوص قد تضمن إطلاق نصف النهار على ما قبل الزوال، كحديث سليمان بن جعفر الجعفري: «سمعت الرضا? يقول: لا ينبغي لأحد أن يصلي إذا طلعت الشمس، لأنها تطلع بقرني الشيطان فإذا ارتفعت وضفت فارقها... فإذا انتصف النهار قارنها، فلا ينبغي لأحد أن يصلي... فإذا زالت الشمس وهبت الريح فارقهاـــــــــــــــــــــــ
[1].
على أن غاية ما يقتضيه الوجهان المذكوران ـ الثالث والرابع ـ ظهور بدوي للنصوص لابد من رفع اليد عنه بالمفهوم العرفي القطعي للنهار، وأنه يبدأ بطلوع الفجر. ولاسيما مع اعتضاده بأمور..
الأول: النصوص الظاهرة أو المصرحة بذلك، كصحيح زرارة المتقدم المتضمن أن صلاة الظهر هي الوسطى بين نهاريتين، وصحيحه الآخر عن أبي جعفر?: «قال: أدنى ما يجزي من الأذان أن تفتح الليل بأذان وإقامة، وتفتح النهار بأذان وإقامة. ويجزيك في سائر الصلوات إقامة بغير أذان[2]، فإن المراد بافتتاح النهار بالأذان الأذان لصلاة الصبح، كما يظهر من نصوص كثيرة[3]. بل لا إشكال في ذلك، لأن صلاة الظهر وسط النهار، لا افتتاحه، كما صرحوا به.
ومعتبر الفضل بن شاذان عن الإمام الرضا? : «قال: فأمرهم أول النهار أن يبدأوا بعبادته، ثم ينتشروا فيما أحبوا من مرمة [مؤنة] دنياهم، فأوجب صلاة الغداة عليهم...[4]، وخبر يحيى بن أكثم: «أنه سأل أبا الحسن الأول عن صلاة الفجر لم يجهر فيها بالقراءة، وهي من صلوات النهار، وإنما يجهر في صلاة الليل؟ فقال: لأن النبي1 كان يغلس بها، فقربها من الليلـــــــــــــــــــــــ
[1].
ومرسل الديلمي في إرشاد القلوب عن الإمام الكاظم? قال في حديث: «ثم قال أمير المؤمنين? في بيان فضل أمة نبينا1: إن الله عزوجل فرض عليهم في الليل والنهار خمس صلوات في خمسة أوقات، اثنتان بالليل وثلاث بالنهار[2]، ومرسل العلل لمحمد بن إبراهيم: «سئل أبو عبدالله? عن علة مواقيت الصلاة... فقال: فرض الله صلاة الغداة لأول ساعة من النهار[3]، ومرسل العياشي عن محمد بن مسلم عن أبي عبدالله?: «قال: الصلاة الوسطى هي الوسطى من صلاة النهار، وهي الظهر[4].
وفي حديث عبدالله بن سليمان عن الإمام الباقر?: «سألته عن زيارة القبور، قال: نعم. إذا كان يوم الجمعة فزرهم، فإنه من كان منهم في ضيق وسع عليه ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، يعلمون بمن أتاهم في كل يوم، فإذا طلعت الشمس كانوا سدى...[5]، فإنه كالصريح في دخول اليوم بالفجر.
بل ملاحظة النصوص الواردة في مقابلة الليل بالنهار واليوم، وبيان أحكام النهار واليوم، توجب وضوح ذلك، ومنها ما ورد في الصوم في النهار واليوم، خصوصاً مع المقابلة بين قيام الليل وصيام النهار في جملة منها.
الثاني: ما يستفاد من النصوص الظاهرة في أن الفجر بعد الليل، وليس منه. كصحيح زرارة عن أبي جعفر?: «في رجل صلى الغداة بليل غرّه من ذلك القمر، ونام حتى طلعت الشمس، فأخبر أنه صلى بليل. قال: يعيد صلاته[6]، وصحيح سعد بن سعد عن أبي الحسن الرضا?: «سألته عن الرجل يكون في بيته وهو يصلي، وهو يرى أن عليه ليلاً، ثم يدخل عليه الآخر من الباب، فقال: قد أصبحت هل يصلي الوتر أم لا أو يعيد شيئاً من صلاته؟ قال: يعيد إن صلاها مصبحاً[7]، وغيرهما[8].
ونحوها النصوص الظاهرة أو الصريحة في أن أفضل وقت صلاة الليل آخره، ففي حديث مرازم عن أبي عبدالله?: «قلت له: متى أصلي صلاة الليل؟! فقال: صلها آخر الليل...ـــــــــــــــــــــــ
[1]، ونحوه غيره[2].
الثالث: ما هو المعلوم لغة وعرفاً وشاع الجري عليه في النصوص من إطلاق الغداة على وقت الفجر، فإن الغداة هي أول النهار، عرفاً ولغة كما صرحوا به. ولا ينافيه تعريفها في بعض كلمات اللغويين بأنها بين طلوع الفجر وطلوع الشمس، إذ لا يراد به ما ينافي التحديد الأول، ليبتني كونها من النهار على الخلاف في محل الكلام، بل تقييده وتحديد مقدار الغداة من أول النهار. وإلا فمن الظاهر أن الغداة من الغد، وهو اليوم اللاحق، فهي قطعة من اليوم اللاحق في أوله.
الرابع: ما شاع عند المتشرعة وتضمنته نصوص كثيرة من إطلاق الصبح على وقت صلاة الفجر، إما بتسميته أو تسمية ضوء الفجر صبحاً، أو بتسمية صلاته صلاة الصبح، أو بإطلاق الإصباح على الكون فيه، أو نحو ذلك[3]، ومنه قوله تعالى: ?فالق الإصباح?[4]، حيث يقرب كون المراد به بزوغ ضوء الفجر في ظلام الليل. لوضوح أن الصبح أول النهار، وليس من الليل.
ثم هل يمكن البناء على أن ما ورد من أعمال الصباح وأذكاره الكثيرة لا يؤدى إلا بعد طلوع الشمس؟! أو يلتزم بأن الصباح من الليل؟!
الخامس: ما في جملة من كلمات اللغويين وارتكز في أذهان العرف من أن السحر آخر الليل، مع وضوح أن الفجر بعد السحر، لا منه.
السادس: ما ورد في استحباب التغليس بصلاة الفجر، كي تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار، كمعتبر إسحاق بن عمار: «قلت لأبي عبدالله?: أخبرني عن أفضل المواقيت في صلاة الفجر. قال: مع طلوع الفجر. إن الله تعالى يقول: ?إن قرآن الفجر كان مشهوداً? يعني: صلاة الفجر. تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار. فإذا صلى العبد صلاة الصبح مع طلوع الفجر أثبت له مرتين، تثبته ملائكة الليل وملائكة النهارـــــــــــــــــــــــ
[1]، ونحوه غيره[2].
فإن تعليل الاستحباب بذلك يدل على أن ملائكة الليل تعرج بعد الغلس عند إسفار الصبح، وذلك لا يناسب بقاء الليل إلى طلوع الشمس.
وبذلك يظهر اندفاع ما ذكره بعض مشايخنا? من أن اجتماع ملائكة الليل وملائكة النهار في وقت واحد في الأرض كما يمكن أن يكون لتأخر ملائكة الليل إلى أمد من النهار يمكن أن يكون لتقدم ملائكة النهار في أمد من الليل، فلا يدل اجتماع الطائفتين على حال الوقت الذي تجتمعان فيه.
وجه الاندفاع: أن الاستدلال ليس بلحاظ اجتماع الطائفتين، بل بمبادرة عروج ملائكة الليل بعد الغلس وانفراد ملائكة النهار حين الإسفار، المستلزمين لكونه نهاراً لا ليلاً، كما لعله ظاهر.
ويناسب ذلك ما في حديث جابر عن أبي جعفر?: «قال: إن إبليس إنما يبث جنود الليل من حين تغيب الشمس إلى مغيب الشفق، ويبث جنود النهار من حين يطلع الفجر إلى مطلع الشمس[3].
هذا وباستطراد كلمات أهل اللغة والعرف والنصوص المتفرقة والاستعمالات المختلفة يتضح المدعى، بنحو يلحق بالبديهيات، ويكون ما خرج عن ذلك مما يوهم خلافه شبهات أو استعمالات تبتني على العناية والتسامح لا تقف في قبال ذلك. ولا يسعنا الاستقصاء التام، وإنما اقتصرنا في أكثر ما ذكرنا على استقصاء ما ورد في كتاب الوسائل بوجه عاجل.
وقد أطال المجلسي وصاحب الجواهر (قدس سرهما) الكلام في هذه المسألة، وفي ذكر الشواهد على ما عليه المشهور، يحسن الاطلاع عليها، وإن لم يخل بعضها عن إشكال. فراجع المجلد الثالث والثمانين من البحار في تعقيب الكلام في مواقيت الصلاة والمجلد السابع من الجواهر في آخر الكلام في وقت صلاة الليل.
وينبغي مع ذلك الالتفات إلى أن استفادة المعنى العرفي من الحديث لا يتوقف على اعتباره سنداً، فإن الكاذب يستعمل في المعنى العرفي أيضاً. غاية الأمر أن اليقين بحدود المعنى العرفي يتوقف على كثرة الاستعمالات وشيوعها، وهو أمر حاصل في المقام، كما يظهر بالاستقصاء، وإن كان فيما ذكرناه كفاية.
ومما ذكرنا يظهر أن كون مبدأ النهار بطلوع الفجر لا يبتني على اصطلاح شرعي، بلحاظ ترتب أحكام النهار ــ من الصوم وغيره ــ من طلوع الفجر، بل هو أمر عرفي لغوي، لظهور أن كثيراً من الوجوه المتقدمة تبتني على تحديد المدلول العرفي واللغوي. بل كثير من الاستعمالات الشرعية يبتني على الجري على المعنى العرفي، من دون تكلف. بل لم نعثر على ما يشهد بتبدل معنى النهار في العرف الشرعي عما عليه لغة وعرفاً.
وبذلك يظهر وهن ما في مفردات الراغب، حيث قال: «والنهار الوقت الذي ينتشر فيه الضوء، وهو في الشرع ما بين طلوع الفجر إلى وقت غروب الشمس، وفي الأصل ما بين طلوع الشمس إلى غروبها».
إلا أن يريد بالأصل ما يقتضيه أصل الاشتقاق، لا مقتضى المدلول العرفي واللغوي. وإن كان هو لا يناسب تخصيص المعنى الأول بالشرع. على أنه لا يخلو عن إشكال أيضاً، لعدم وضوح منشئه. والأمر سهل. فإن اضطراب اللغويين في تحديد المعاني غير عزيز.(منه عفي عنه).
نام کتاب : مصباح المنهاج / الصوم نویسنده : الحكيم، السيد محمد سعيد    جلد : 1  صفحه : 323
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست