responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المثل العليا في الاسلام لافي بحمدون نویسنده : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    جلد : 1  صفحه : 24

أما اليوم فأعاذنا الله من شر هذا اليوم ومن أشراره، وما أكثر الأشرار فيه. نعم بغداد اليوم انقلبت فيها المقاييس، وانتهكت بها الحرمات والنواميس، ولبس الإسلام فيها لبس الفرو مقلوبا، المعروف منكر والمنكر معروف، والفسق والفجور، وشرب الخمور والبغاء والزنا، والرقص والخنا، والقمار والعهار. يتعاطاها الصغير والكبير، والغني والفقير. كل حسب امكانه بلا نكير والنساء والرجال على ذلك المنوال لا ناعي ولا آمر، ولا واعظ ولا زاجر. والمصيبة العظمى شيوع كل ذلك وتفشيه في الشباب بل والشباب المثقف فيما يزعمون. وأعظم من ذلك رزية سريانه حتى الى المسؤولين والحاكمين والذين يجب ان يكونوا هم المصلحين.

دخول الإنكليز في العراق

دخل الإنكليز العراق وطرد الأتراك بمساعدة أهل العراق رغبة فيما يظنون من عدله وانصافه ومعونته واسعافه فلما رأوا غطرسته وجبروته، وكان الاعتساف بدل الاسعاف، والاجحاف عوض الانصاف وكان فيهم (أي العراقيين) كما ذكرنا بقية شرف وشمم، وعزة وكرامة، ونبل وشهامة، وصلابة عود، وقوة إيمان،تأبى ان تحمل الضيم، وتخضع للظالم، فثاروا عليه وانتفضوا عليه غير مرة كسروا بها شوكته، وأذلوا عزته، فأخذ على عادته وقاعدته من اللف والدوران، فضربهم الضربة الفانية، ولطمهم اللطمة القاسية وأعطاهم الحكم المغلف، والاستقلال المزيف، وهو – كما هو معلوم – تجاري رأسمالي، قبل كل شيء، فرأى انه لا يقدر ان يسلب من العراق ثروته حتى يستلب عقيدته، ولا ينتزع أمواله وإمكانياته حتى ينتزع صلابته وإيمانه، ويميت شعوره ووجدانه.

رأى أنه لا ستولي على العراق تماماً الا بفساد الأخلاق، والعرق بلطافة طبعه. وخفة روحه، سريع الاستجابة الى الشهوة العارمة، والنزوة الراغمة.

وكان أكبر هم المستعمر جلب المغريات، وإثارة الشهوات فتم له ما أراد، ووصل الى بغيته ممن أقرب الطرق وأسهلها فاستلب بجيش الشهوة، كل ثروة، وهدَّ جميع قوى العراق بلا كفاح ولا قوة. وسرت هذه الروح الخبيثة، روح الفساد، فساد الأخلاق والاستهتار والخلاعة. وموت الشعور والوجدان، وضياع المقاييس وهتك النوامييس، الى جميع الطبقات. الحاكمين والمحكومين والرعاة والرعية.

حضر عندي في العهد القريب رجل من المحافظين على اتزانه وإيمانه وصار يشكو من سوء الوضع وتردي الأحوال، وتلاعب الموظفين والارتشاء العلني، فأردت تسكين لوعته وتهدئة فورته، نوعا ما. فقلت له: أنتم تريدون حكومة من الملائكة، او من المعصومين، وهذا لا يكون والحاكم بشر يصيب مرة ويخطئ أخرى ويجور طوراً. يعدل أطور.

نام کتاب : المثل العليا في الاسلام لافي بحمدون نویسنده : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    جلد : 1  صفحه : 24
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست