نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 1 صفحه : 271
مالك : لا يرفع المحرم صوته في مساجد الجماعة ، بل يكفيه أن يسمع
من يليه ، إلا في المسجد الحرام ، ومسجد منى ، فإنه يرفع صوته فيهما .
واستجب الجمهور رفع الصوت عند التقاء الرفاق ، وعند الاطلال على شرف
من الارض ، وقال أبو حازم : كان أصحاب رسول الله ( ص ) لا يبلغون الروحاء
حتى تبح حلوقهم .
وكان مالك لا يرى التلبية من أركان الحج ، ويرى على تاركها دما ، وكان غيره يراها من أركانه .
وحجة من رآها واجبة أن أفعاله ( ص ) ، إذا أتت بيانا لواجب أنها
محمولة على الوجوب حتى يدل الدليل على غير ذلك ، لقوله عليه الصلاة والسلام
خذوا عني مناسككم وبهذا يحتج من أوجب لفظه فيها فقط ، ومن لم ير وجوب لفظه
، فاعتمد في ذلك على ما روي من حديث جابر قال أهل رسول الله ( ص ) ، فذكر
التلبية التي في حديث ابن عمر ، وقال في حديثه والناس يزيدون على ذلك لبيك
ذا المعارج ، ونحوه من الكلام ، والنبي يسمع ، ولا يقول شيئا وما روي عن
ابن عمر أنه كان يزيد في التلبية ، وعن عمر بن الخطاب ، وعن أنس وغيره .
واستحب العلماء أن يكون ابتداء المحرم بالتلبية بأثر صلاة يصليها
فكان مالك يستحب ذلك بأثر نافلة لما روى من مرسله عن هشام بن عروة عن أبيه
أن رسول الله ( ص ) كان يصلي في مسجد ذي الحليفة ركعتين ، فإذا استوت به
راحلته أهل .
واختلفت الآثار في الموضع الذي أحرم منه رسول الله ( ص ) بحجته من
أقطار ذي الحليفة ، فقال قوم : من مسجد ذي الحليفة بعد أن صلى فيه ، وقال
آخرون : إنما أحرم حين أطل على البيداء ، وقال قوم : إنما أهل حين استوت به
راحلته .
وسئل ابن عباس عن اختلافهم في ذلك ، فقال : كل حدث لا عن أول إهلاله عليه الصلاة والسلام ، بل عن أول إهلال سمعه .
وذلك أن الناس يأتون متسابقين .
فعلى هذا لا يكون في هذا اختلاف ويكون الاهلال إثر الصلاة .
وأجمع فقهاء الامصار على أن المكي لا يلزمه الاهلال ، حتى إذا خرج إلى منى ، ليتصل له عمل الحج .
وعمدتهم ما رواه مالك عن ابن جريج أنه قال لعبد الله بن عمر : رأيتك
تفعل هنا أربعا لم أر أحدا يفعلها فذكر منها : ورأيتك إذا كنت بمكة أهل
الناس ، إذا رأوا الهلال ، ولم تهل أنت إلى يوم التروية ، فأجابه ابن عمر :
أما الاهلال ، فإني لم أر رسول الله ( ص ) يهل حتى تنبعث به راحلته ، يريد
حتى يتصل له عمل الحج .
وروى مالك أن عمر بن الخطاب كان يأمر أهل مكة أن يهلوا ، إذ رأوا الهلال .
ولا خلاف عندهم أن المكي لا يهل إلا من جوف مكة ، إذا كان حاجا وأما
إذا كانمعتمرا ، فإنهم أجمعوا على أنه يلزمه أن يخرج إلى الحل ، ثم يحرم
منه ، ليجمع بين الحل ، والحرم ، كما يجمع الحاج ، أعني لانه يخرج إلى عرفة
، وهو حل وبالجملة ، فاتفقوا على أنها سنة المعتمر ، واختلفوا إن لم يفعل ،
فقال قوم : يجزيه ، وعليه دم ، وبه قال أبو حنيفة ، وابن القاسم ، وقال
آخرون : لا يجزيه ، وهو قول الثوري ، وأشهب .
نام کتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد نویسنده : ابن رشد جلد : 1 صفحه : 271