فليس في ذلك شئ من تقديم المفضول على الفاضل فيما هو أفضل منه .
وأما زيدا كان أفضل من جعفر في أمر الحرب ، على أنه قد روي أن جعفرا
كان المقدم والمرجوع إليه أولا ، فلما حدث به ما حدث وطار إلى الجنة - على
ما وردت به الرواية - تقدم زيد [2] .
ويدل على وجوب كونه عالما بجميع أحكام الشرع : ما قد ثبت أنه إمام في جميع [ .
] متول [3] للحكم في سائره جليله وحقيره ، فلو لم يكن عالما بجميع
ذلك لقبح توليته ذلك ، إذ من المعلوم عند العقلاء قبح تولية الأمر من لا
يعلمه ولا يعلم أكثره وإن كان له طريق إلى تعلمه ، من حيث أن الملحوظ
والمراعى عندهم كونه عالما بما وليه .
ولا التفات للعقل إلى إمكان تعلمه في خروج تلك التولية من القبح ،
بدليل أن الملك إذا أراد أن يولي بعض الناس الوزارة ويجعل تدبير ملكه إليه ،
فإنه لا يحسن منه أن يختار لذلك إلا من يليق بمعرفته في أمور الوزارة وأنه
لا يخفى عليه جليلها وحقيرها ، ويقبح منه أن يستوزر في ملكه من لا يعرف
شيئا منها أو أكثرها ، وإن كان يمكنه تعلم ذلك من معلم أو بتجربة واختبار ،
ولو استوزر من وصفناه لكان واضعا للشئ في غير موضعه مضيعا أمر ملكه مستحقا
للذم والتوبيخ من كل عاقل بفعله ذلك .
[1]صحيح البخاري 4 / 77 ، وقد خرج الحديث بمضامين مختلفة أصحاب الصحاح والمسانيد .
[2]أنظر تفصيل غزوة مؤتة في سيرة ابن هشام 2 / 828 ، تاريخ الطبري 3 / 36 .
[3]كذا في المخطوطة ( في جميع متول ) ، والعبارة ناقصة .