عالما بها قبل ابتدائها ، محيطا بحدودها وانتهائها ) .
وهذا كلامه عليه السلام قد أخذ من الحكمة ينابيعها ، ومن البراعة
جلابيبها ، ومن البلاغة مقاليدها ، وفيه من الدلالة ما تقصر الكتب المطولة
عن غاية تحصيله ، وتعجز عن بلوغ تفصيله ، وتقر مذعنة بعلائه وتشريفه ،
وتخضع لغوامض علمه وتدقيقه ، وتخشع لبلاغة لفظه وتلخيصه .
وأما فتاوى أبي بكر في الفروع [ فقد ] مضى منها ذكر البقرة ولا حمار في الفصل العاشر .
ومن ذلك ما ذكره الشيخ المفيد رحمه الله في كتاب الإرشاد عن رجال من
الطريقين [2] قال : إن رجلا رفع إلى أبي بكر وقد شرب الخمر ، فأراد أن
يقيم عليه الحد ، فقال له : إني شربتها ولا علم لي بتحريمها ، لأني نشأت
بين قوم يستحلونها ولم أعلم بتحريمها حتى الآن .
فأرتج على أبي بكر الأمر بالحكم عليه ولم يعلم وجه القضاء فيه ،
فأشار عليه بعض من حضره أن يستخبر أمير المؤمنين عليه السلام عن الحكم في
ذلك .
فأرسل إليه من سأله [ عنه ] ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام ، مرثقتين من رجال المسلمين