( والوجه الثاني ) أنه قد تقرر في الشريعة أفعال هي ألطاف للمكلفين إلى يوم القيامة .
فمتى لم يعلم المكلف أن لها حافظا من قبل الله تعالى معصوما لا يجوز
عليه الخطأ ، لم يبق له وثوق بالشرع ولم يأمن من أن يضل عن اللطف ، فيؤدي
ذلك إلى القدح في العدل .
فإذن لابد من المعرفة بالإمامة وشروطها .
والخلق الكثير والجم الغفير - مع اتفاقهم على وجوب الإمامة - قد
اختلفوا في وجه وجوبها ، وفي شروطها ، وفي طريق ثبوتها ، وفي أعيان الأئمة .
فيكون الكلام في هذا الكتاب في مقدمة وفصول : فالمقدمة مشتملة على وجوب الإمامة ووجوب عصمة الإمام من غير تعين زيد أو عمرو .
والفصول تشتمل على أن علي بن أبى طالب عليه السلام هو الإمام بعد
النبي صلى الله عليه وآله بلا فصل ، وأنه معصوم منصوص عليه من الله سبحانه
وتعالى ومن رسوله ( ص ) ، وأن الأئمة المعصومين الأحد عشر من ذريته عليهم
السلام ، وأن أبا بكر والعباس بن عبد المطلب رضي الله عنه ليس لهم في
الإمامة مراح ولا مغدى ( 1 ) ، وأن بعدهما عنها مثل بعد المشرقين .
[1] مراح بالفتح : الموضع الذي يروح منه القوم أو يروحون إليه ، كالمغدى منالغداة .
أي ليس لهم في الإمامة موضع يستقرون به ، لأنه لا نصيب لهم فيها .