نفس ناطقة لا تبيد و لا تموت , و بدن مادى و هو أى الانسان بماله حقيقة واحدة
انما تنقل من دار الى دار , و انها لا تنعدم رأسا بل تتحول من حالة الى حال بما
له من المعارف و الاخلاق و الاعمال و ان من وراء حياته الدنيوية برزخا الى يوم
يبعثون , و ان هناك موقفا توفى فيه كل نفس ما كسبت , و ان أمامه موطنا يتلو
فيه كل نفس ما أسلفت و ان قدامه ميعادا علمت نفس فيه ما قدمت و أخرت .
فالسياسة عنده صناعة تهذيب الانسان و تصحيح روابطه الفرديه و الاجتماعية ,
بحيث يقوم بالقسط و يأمر بالعدل , و يؤثر غيره على نفسه و ان كان به خصاصة و
يقول :
[ ( لا تغرنكم الحيوة الدنيا و لا يغرنكم بالله الغرور] (
و يترنم بأنه ( قد افلح من تزكى ) كما كان الاول يتصور بانه ( قد افلح اليوم من
استعلى ) . فعلى هذا الرأى الثانى تكون العناصر الرئيسية للسياسة مؤلفة من
الامور المادية و المعنوية كما سيوافيك تفصيلها .
( 3 ) و حيث أن محور الكلام هو تعيين العناصر الاصلية للسياسة الاسلامية , و
الاسلام دين الهى يرى الانسان متحولا من النشأة الاولى الى الاخرة ليرى أعماله و يجزى
بها , و يرى أن له مبدئا اوجده . و معادا يصير هو اليه و يلقاه و يحاسب عنده .
فالعناصر الاصلية للسياسة عنده مؤلفة من العلل الطبيعية و من العلل غير الطبيعية
, و فى ضوء هذا التمييز بين المذهبين المادى و الالهى نقول : ان العناصر
الرئيسية للسياسة الاسلامية اربعة :
الاول : هو العنصر المادى : و هو الانسان بما انه نوع يعيش مع ابناء نوعه , و
له خصائص فردية , و خواص اجتماعية .
و الثانى : هو العنصر الصورى : و هو الدين الالهى بما له من الحكم و الاحكام و
هو كرامة الهية يتصور بها الانسان , و يصير به كريما