و الحاصل ان الحج بما له من المناسك الخاصة التى لا توجد فى غيره من الاحرام و
الوقوف بساهرة العرفات و المشعر مشفوعا بالضراعة و الابتهال و البيوتة بمنى و
التضحية هناك و الحلق و رمى الجمار و النفر الى مكة و الهرولة بين جبلى الصفا و
المروة و غير ذلك مما لا يعلم تأويله الا الله يحكى يوم النشور و يمثل يوم الحشر
حيث ان الناس هناك مع اختلاف السنتهم و الوانهم يلبون نداء واحدا و يجيبون
هتافا فاردا لا يحكم عليهم الا الواحد القهار الذى تخضع له الرقاب و تعنو له
الوجوه و تخشع له الاصوات فلا تسمع الا همسا .
فاذا تبين ان الحج ممثل للمعاد و مصور اياه و المعاد اى العود الى المبدء اس
الاسلام الكلى الدائم فعليه يكون الحج من اهم مظاهر الاسلام و هو اى حج البيت
الحرام مظهر تام للاصلين المتقدمين اى الكلية و الدوام و لذا ترى الانام يردونه
ورود الانعام و يألهون اليه ولوه الحمام و يقفون مواقف الانبياء و يتشبهون
بالملائكة الحافين المطيفين بالعرش و يحرزون الارباح فى متجر العبادة و يتبادرون
موعد المغفرة و هو كما قال وليد الكعبة امير الكلام مولى الموحدين على بن
ابيطالب عليه السلام( : علم للاسلام و حرم للعائدين فالبيت الحرام بما له من
الحكم الخاص علم للاسلام فرض الله حقه و اوجب حجه و كتب على الناس وفادته)
[1] فقال سبحانه :
( و لله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا و من كفر فان الله غنى عن
العالمين)
.
الجهة الرابعة فى ان الحج ممثل للحكومة العليا الاسلامية
قد تبين لك ان الحج ممثل لاصول الدين الاصيلة و جذوره العريقة