وَ قَدْ صَلَّيْتُ صَلَاةَ الْفَجْرِ، إِذْ سَمِعْتُ حَفِيفَ [1] الْمَلَائِكَةِ مِنْ لَوْنٍ مِنْ بَيَاضِ الدُّنْيَا، إِذَا بِحَبِيبِي جَبْرَئِيلَ (عليه السلام) وَ مَعَهُ سَبْعُونَ صَفّاً مِنَ الْمَلَائِكَةِ [2] مُتَوَّجِينَ (مُقَرَّطِينَ) [3] مُدَمْلِجِينَ [4] فَقُلْتُ، لِمَنْ هَذِهِ الْقَعْقَعَةُ مِنَ السَّمَاءِ يَا أَخِي جَبْرَئِيلُ؟
فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى اطَّلَعَ إِلَى الْأَرْضِ اطِّلَاعَةً، فَاخْتَارَ مِنْهَا مِنَ الرِّجَالِ عَلِيّاً (عليه السلام)، وَ مِنَ النِّسَاءِ فَاطِمَةَ (عليها السلام)، فَزَوَّجَ فَاطِمَةَ مِنْ عَلِيٍّ (عليه السلام)، فَرَفَعَتْ رَأْسَهَا، تَبَسَّمَتْ بَعْدَ بُكَائِهَا، فَقَالَتْ: رَضِيتُ بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ.
فَقَالَ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) أَ لَا أَزِيدُكِ يَا فَاطِمَةُ، فِي عَلِيٍّ (عليه السلام) رَغْبَةً؟ قَالَتْ: بَلَى.
قَالَ: لَا يَرِدُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى رَكْبٌ أَكْرَمُ مِنَّا أَرْبَعَةٌ: أَخِي صَالِحٌ عَلَى نَاقَتِهِ، وَ عَمِّي حَمْزَةُ عَلَى نَاقَتِهِ الْعَضْبَاءِ، وَ أَنَا عَلَى الْبُرَاقِ، وَ بَعْلُكِ عَلَى نَاقَةٍ مِنْ نُوقِ الْجَنَّةِ.
فَقَالَتْ: صِفْ لَنَا النَّاقَةَ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خُلِقَتْ؟
قَالَ: خُلِقَتْ مِنْ نُورِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مُدَبَّجَةُ [5] الْجَبِينِ صَفْرَاءُ حَمْرَاءُ الرَّأْسِ، سَوْدَاءُ الْحَدَقِ، وَ قَوَائِمُهَا مِنَ الذَّهَبِ، وَ خِطَامُهَا مِنَ اللُّؤْلُؤِ الرَّطْبِ وَ عَيْنَاهَا مِنَ الْيَاقُوتِ، وَ بَطْنُهَا مِنَ الزُّمُرُّدِ، عَلَيْهَا قُبَّةٌ مِنْ لُؤْلُؤَةٍ بَيْضَاءَ، يُرَى بَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا ظَاهِرُهَا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَ بَاطِنُهَا مِنْ عَفْوِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، تِلْكَ النَّاقَةُ مِنْ نُوقِ اللَّهِ، تَمْضِي كَمَا يَمْضِي الرَّاكِبُ الْمُحِثُّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَهَا سَبْعُونَ رُكْناً، بَيْنَ الرُّكْنِ وَ الرُّكْنِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ تَعَالَى بِأَلْوَانِ التَّسْبِيحِ، خُطْوَةُ النَّاقَةِ فَرْسَخٌ، تَلْحَقُ وَ لَا تُلْحَقُ، لَا تَمُرُّ عَلَى مَلَإٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا قَالُوا: مَنْ هَذَا الْعَبْدُ؟ مَا أَكْرَمَهُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، أَ تَرَاهُ نَبِيّاً
[1] أيّ أبدت صوتا.
[2] توّج: ألبسه التّاج فلبسه.
[3] في الأصل: (مقرطقين) مصحف و ما أثبتناه من البحار، و القرط: ما يعلّق في شحمة الأذن من درّة و نحوها.
[4] الدملوج: حليّ يلبس في المعصم.
[5] دبج: بقشه، زيّنه، حسنه.