قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ وَ الْمُسْلِمُونَ فِي طَلَبِ الْيَهُودِيِّ، فَلَحِقُوهُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَأَخَذُوهُ وَ جَاءُوا بِهِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام)، فَاسْتَأْذَنُوا عَلَيْهِ فَأَذِنَ لَهُمْ، فَدَخَلُوا وَ قَدِ ازْدَحَمَ النَّاسُ، قَوْمٌ يُنْكِرُونَ، وَ قَوْمٌ يَضْحَكُونَ.
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا أَبَا الْحَسَنِ، إِنَّ هَذَا الْيَهُودِيَّ سَأَلَنِي عَنْ مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الزَّنَادِقَةِ قَالَ الْإِمَامُ (عليه السلام): مَا تَقُولُ يَا يَهُودِيُّ؟ قَالَ أَسْأَلُكَ وَ تَفْعَلُ بِي مَا فَعَلُوا بِي هَؤُلَاءِ؟
قَالَ: وَ أَيَّ شَيْءٍ أَرَادُوا أَنْ يَفْعَلُوا بِكَ؟ قَالَ: أَرَادُوا أَنْ يَذْهَبُوا بِدَمِي.
قَالَ الْإِمَامُ: دَعْ هَذَا وَ اسْأَلْ عَمَّا شِئْتَ، قَالَ: سُؤَالِي لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ وَصِيُّ نَبِيٍّ قَالَ: اسْأَلْ عَمَّا تُرِيدُ، قَالَ: الْيَهُودِيُّ أَنْبِئْنِي عَمَّا لَيْسَ لِلَّهِ، وَ عَمَّا لَيْسَ عِنْدَ اللَّهِ، وَ عَمَّا لَا يَعْلَمُهُ اللَّهُ؟
قَالَ: لَهُ عَلِيٌّ (عليه السلام): عَلَى شَرْطٍ يَا أَخَا الْيَهُودِ قَالَ وَ مَا الشَّرْطُ؟
قَالَ تَقُولُ مَعِي قَوْلًا مُخْلِصاً: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: نَعَمْ، يَا مَوْلَايَ.
قَالَ: يَا أَخَا الْيَهُودِ، أَمَّا مَا لَيْسَ لِلَّهِ فَلَيْسَ لَهُ صَاحِبَةً وَ لَا وَلَداً، قَالَ صَدَقْتَ يَا مَوْلَايَ قَالَ: وَ أَمَّا قَوْلُكَ عَمَّا لَيْسَ عِنْدَ اللَّهِ، لَيْسَ عِنْدَ اللَّهِ الظُّلْمُ، فَقَالَ: صَدَقْتَ يَا مَوْلَايَ، قَالَ: وَ أَمَّا قَوْلُكَ: عَمَّا لَيْسَ يَعْلَمُهُ اللَّهُ، مَا يَعْلَمُ اللَّهُ أَنَّ لَهُ شَرِيكاً وَ لَا وَزِيراً وَ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى مَا يَشَاءُ وَ يُرِيدُ.
قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ: مُدَّ يَدَكَ فَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً النَّبِيُّ رَسُولُ اللَّهِ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم)، وَ أَنَّكَ خَلِيفَتُهُ حَقّاً، وَ وَصِيُّهُ وَ وَارِثُ عِلْمِهِ، فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنِ الْإِسْلَامِ خَيْراً.
قَالَ: فَضَجَّ النَّاسُ عِنْدَ ذَلِكَ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ وَ رَقَى الْمِنْبَرَ وَ قَالَ: أَقِيلُونِي فَلَسْتُ بِخَيْرِكُمْ، وَ عَلِيٌّ فِيكُمْ. قَالَ: فَخَرَجَ عَلَيْهِ عُمَرُ وَ قَالَ: أَمْسِكْ يَا أَبَا بَكْرٍ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ، فَقَدْ رَضِينَاكَ لِأَنْفُسِنَا ثُمَّ أَنْزَلَهُ عَنِ الْمِنْبَرِ